الوضع الحالي لا يسر عدوا ولا حبيبا. الواقع يشير إلي ان اجراءات التقاضي تتكلف 2.62٪ من قيمة النزاع ويشير كذلك إلي ان القضية التجارية تستغرق ألفا و01 أيام داخل أروقة المحاكم العادية! هذا الواقع رصده تقرير أداء الاعمال الصادر عن البنك الدولي في العام الحالي 0102 ولذلك احتلت مصر المرتبة رقم 841 من بين 391 اقتصادا علي مستوي العالم! يحدث ذلك رغم الاصلاحات الاقتصادية التي تمت علي مدي السنوات الماضية وما تم من تطوير للنظام القضائي.. لكن ما حدث شيء والواقع شيء آخر فلايزال تنفيذ التعاقدات من المعوقات الأساسية في مجال التجارة والاعمال! وفي ظل هذا الواقع ظهر مولود لم يتعد عمره 01 شهور يحاول الانقضاض علي مثل هذه العقبات القضائية وهو عبارة عن نظام جديد للوساطة التجارية يكون بمثابة وسيلة بديلة لفض المنازعات. هذا النظام يحاول القائمون عليه الترويج له ومعهم كل الحق فالمحاكم لم تعد تحتمل اعباء جديدة واصبح كاهلها مثقلا بملايين القضايا التجارية وغير التجارية وبالتالي كانت الفكرة الجديدة.. لعل وعسي تسهم في تخفيف العبء عن المحاكم التجارية واهم من ذلك تخفيف الاعباء عن المتنازعين انفسهم وحفظ ماء وجه كل منهم بعيدا عن ساحات واروقة تلك المحاكم. باختصار - وكما تقول فاطمة ابراهيم مديرة مشروع الوسائل البديلة لفض المنازعات - الهدف هو تقليل فترة عمر أي قضية في المحاكم إلي 09 يوما فقط بدلا من ألف و01 أيام وكذا تخفيض حجم التكلفة إلي نحو 41٪ بدلا من 62٪ من قيمة النزاع كما هو الوضع حاليا.. وقالت ان هذا الهدف سوف يستغرق تنفيذه قرابة 02 شهرا من اليوم وذلك من خلال تطبيق نظام الوساطة التجارية وهو المشروع الذي تنفذه مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي بالمشاركة مع وزارة الاقتصاد السويسرية وبالتعاون مع مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. تلك الجهات والمؤسسات تعمل علي قدم وساق لانجاح المشروع في مصر بعد ما حقق نجاحات كبيرة في بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث تشير الارقام إلي ان ذلك النظام نجح في حل 0011 قضية من بين 1652 قضية خلال الفترة من 4002 إلي 9002 وهو ما أدي إلي تحرير اصول متنازع عليها قيمتها 26 مليون دولار من بين 821 مليون دولار تمثل الرقم الاجمالي للأصول التي كانت محل نزاع. لهذا وذاك كان لابد من القاء الضوء علي النظام الجديد.. وقد حدث ذلك خلال لقاء شارك فيه عدد من الخبراء في مجال التحكيم التجاري في مقدمتهم فاطمة إبراهيم مديرة المشروع ود. محمد عبدالرؤوف نائب المدير والامين العام لمركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي وحازم رزقانة المحكم الدولي ود. أحمد فتحي والي المدرس بكلية الهندسة جامعة حلوان والاستشاري في مجال إدارة العقود وخليل شعث خبير التنمية بوكالة التعاون الفني الألماني وامينة الزيات المسئولة عن تحليل ودعم عمليات المشروع وسمر عبيد المسئولة من الدعم العام لعمليات المشروع.. ومع هؤلاء كانت هناك مديحة نصر الملحق التجاري بسفارة سويسرا بالقاهرة وريهام مصطفي المسئولة بمؤسسة التمويل الدولية. هؤلاء جميعا أكدوا علي ان المشروع يهدف إلي تحويل ممارسة الوساطة والصلح التجاري إلي أسلوب بديل وفعال لحل المنازعات التجارية في مصر وهو الامر الذي يحقق هدفا أهم ألا وهو زيادة مدخرات القطاع الخاص وذلك من طريق تقليل الوقت والمصاريف المتعلقة بتنفيذ التعاقدات والذي سيؤدي بدوره إلي تحرير اصول القطاع الخاص المحتجزة في اجراءات الدعاوي القضائية المطولة. وقالوا انه من المأمول ان تؤدي سرعة تحرير الاموال المحتجزة في المنازعات الي تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل وتحقيق فرص أفضل للدخل. وإلي اين يذهب الباحث عن حل لنزاعه بعيدا عن المحاكم؟ يرد د. محمد عبدالرؤوف نائب مدير مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي مشيرا إلي ان المركز يضم حاليا 72 من الوسطاء المعتمدين رسميا وهؤلاء يملكون خبرات واسعة في مجال الوساطة التجارية. ويتم الاتفاق بين الطرفين المتنازعين والوسيط التجاري علي نظام دفع تكاليف التحكيم والوساطة وهي عبارة عن نسبة من قيمة النزاع ولكن بحد أقصي وهو 52 ألف دولار رسوما للقضايا الدولية بخلاف اتعاب المحكمين التي لا تتجاوز 03 ألف دولار. وقال ان الحد الأقصي للرسوم والاتعاب يتم دفعها مهما كانت قيمة النزاع مشيرا إلي أن مركز القاهرة نظر مؤخرا قضية دولية قيمتها 053 مليون دولار ولكن الرسوم التي تم تحصيلها وصلت إلي 52 ألف دولار فقط. واضاف ان الرسوم والاتعاب تحصل بالجنيه المصري بالنسبة للقضايا المحلية. واشار إلي ان هذه الرسوم لا يمكن وصفها بالباهظة فالمحاكم تستنزف ما هو أكبر من ذلك بكثير وقتا ومالا. اضيف إلي ذلك ان الرسوم في دولة مثل انجلترا تحدد باليوم للمحامي وتصل الي حوالي 3 آلاف جنيه استرليني. واضاف د. محمد عبدالرؤوف مشيرا الي ان مركز القاهرة ينظر حوالي 05 قضية تجارية دولية كل سنة.. وقال إن المركز تلقي خلال العام الحالي 14 قضية وأكد اهمية الاهتمام بنظام الوساطة علي مختلف المستويات وضرورة تدريسه للاطفال في المدارس كما حدث في كولومبيا. واستشهد نائب مدير مركز القاهرة للتحكيم بما حدث خلال تنفيذ الصالة رقم 3 بمطار القاهرة وقال انه رغم كبر حجم الانشاءات والتعاقدات فلم نسمع عن أية خلافات وصلت للمحاكم حيث اتفق الاطراف علي تسوية أي نزاع من خلال وسطاء يحسمون هذه النزاعات بسرعة أولاً بأول.