»ظلام دامس أسود أسود أسود، اسوداد ليلة شتاء قارس.. هكذا وصف المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة الثلاثين عاما السابقة علي ثورة 52 يناير التي جعلت المصريين يشمون هواء نقيا زالت عنه الشوائب وليتنفسوا الصعداء بعد طول كابوس ليل مظلم«.. هذه الكلمات من الواضح أنها خرجت من أعماق رئيس المحكمة وهي تؤكد أنه يؤمن بكل حرف من حروفها، ولذا كانت دهشتي الشديدة من كونها لم تكن كافية لتعطيل مبدأ التقادم في جرائم استغلال النفوذ، وهو المبدأ الذي جعل المخلوع ونجليه علاء وجمال وصديق عمره حسين سالم يفلتون من جريمة كبري بسبب مرور 01 سنوات علي ارتكابها! وإن لم يكن كل ذلك كافيا ألم تكن المادة »51« من قانون الاجراءات الجنائية كافية لعدم الاخذ بمبدأ التقادم حيث تنص علي أنه »لا تبدأ المدة المسقطة للدعوي الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والتي تقع من موظف عام الا من تاريخ إنتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها من قبل«. هذه المادة نبهني اليها مستشارون قانونيون عدة منهم أسامة الهضيبي وآخرون مثل المستشارين حامد الجمل وحسن عمر وأسامة قايد رؤيتهم تتفق علي ان جرائم الفساد لا تسقط بالتقادم وفقا للدستور والاتفاقيات الدولية ايضا وأن التقادم يبدأ من تاريخ انتهاء الخدمة، فالظلام الاسود الذي اشار اليه رئيس المحكمة كان مانعا لتحريك الدعوي وكان حاجبا لصوت الحق وساترا يحتمي خلفه الفاسدون والمفسدون! وأليس صحيحا ان المبدأ الذي اخذت به المحكمة من شأنه ان يشجع كل موظف عام علي أن يفعل ما يشاء طوال خدمته وعندما يتم خلعه مثلما حدث مع اياه أو يحال للمعاش تكون دعاوي فساده قد انقضت ولا يستطيع أحد محاسبته وان تم حسابه يحصل علي البراءة لانقضاء الدعوي؟! كله كوم وأهالي الشهداء ومصابو الثورة كوم تاني.. هؤلاء لهم الله. وأنا شخصيا مع كل أم شهيد خاصة تلك التي ستحاول زيارة المخلوع وتحمل معها طعاما فاسدا مسرطنا مثل الذي كان يأكله الشعب الذي اصيب معظمه بالسرطان، وكذا زجاجة مياه ملوثة من حنفية المياه ليصاب بالفشل الكلوي والذي اصاب أم أول شهيد بالسويس نتيجة تلوث المياه التي يشربها المصريون! انها تعلم عدم قدرتها علي الوصول للمخلوع لكنها »تفضفض« بعد طول بكاء علي شهيدها وشهيد المصريين جميعا والذين يرددون هذه الايام اجمل كلمات لا أعرف للأسف الشديد صاحبها:.. فلان الفلاني اللي كان جنب مني ساعة لما بدأوا ضرب الرصاص. فلان الفلاني اللي ما أعرفش غير شكل وشه فدايما يقول يا إبن عمي وخلاص. فلان الفلاني اللي ساب لي بقية ساندويتشه ليله لما شافني بأغني وجعان. فلان اللي مش فاكر غير شكل وشه، فلان اللي عداكي جوه الميدان. فلان إللي فتشني بالابتسامة، فلان اللي قال هو فعلا هايمشي. فلان اللي قال لي طريق السلامة ساعة لما قلنا زهقنا وهنمشي. فلان اللي ما طلعش جوة البرامج وكان بس صوته في قلب الميدان. فلان اللي غرق بخل الكوفية وشالني لما جت طلقة في.. فلان اللي مات، يومها تلزم له دية من ابن الفلان اللي كل لحمه حاف! لعل هذه الكلمات تطفيء النار في قلوب الامهات حتي يأتي يوم اعتقد انه قريب.. قريب! يوم يكون لمصر رئيس لا يمت بصلة للفلول.. كفاية 30 سنة مرض وقهر وجهل.. وقرف!