في رسالة تؤكد جدارة مصر الاقتصادية، وأن أرضها لازالت بكرا، وتزخر بالمعادن، يجسد منجم السكري كيانا عملاقا باستثماراته الضخمة ومعداتة العملاقة المتطورة، وعماله المدربين، مشروع قومي عملاق ذاع صيته عالميا، ونسجت حوله الشائعات داخليا، وكان الرد البليغ بالعمل والانتاج، هنا منظومة تفوق الوصف، عمالة مدربة تتناغم مع الإدارة الوطنية الناجحة ،التي تحدت المستحيل لتبني صرحا شامخا وتقتحم صناعة معقدة وشاقة. رحلة طويلة قطعناها وصولا لمنجم السكري، واصطحبنا العميد عصمت الراجحي مدير المنجم وعلي بعد 25 كيلو مترا جنوب غرب مدينة مرسي علم بالصحراء الشرقية، يقع أكبر منجم لاستخراج الذهب في مصر بمنطقة جبل السكري، ويشكل جبل السكري تكويناً رائعاً يصل طوله إلي 2.3 كيلو متر، وعرضه 500 متر وارتفاعه 350 مترا .. منطقة السكري يبلغ مساحتها نحو 160 كيلو مترا مربعا من وسط الصحراء الشرقية، إلا أن الدراسات التفصيلية تركزت علي جبل السكري، وتحددت علي أثر ذلك المساحة التي يتركز فيها معدن الذهب بشكل يسمح بالاستغلال الاقتصادي يتم استخراج الذهب من باطن الصخور بعد تفتيتها بمتفجرات شديدة الانفجار، ثم ينقل إلي غرفة الذهب وهي غرفة محكمة لا يسمح بالدخول إليها سوي المسئولين عن عمليات السبك فقط، يقوم مسئول الأمن والمخصص بحماية الغرفة وتفتيش المترددين عليها من العاملين أو مسئولي التمغة والموازين، ثم يتم تحليل الخام وقتها يكون عبارة عن طمي يسمي ب»الكيكة» ويتم صهره علي درجة حرارة مرتفعة تتم آليا، ويتم وضعه في صاجات وبعد تبريده يتم وزنه وعرضه علي مجففات، ثم يوضع في شكائر من «الخيش» ويتم صهره مرة أخري، ويدون عليه أرقام وأكواد تبرز حجم السبيكة ووزنها. ويستخدم المصنع في كافة هذه المراحل أكثر الوسائل التكنولوجية في هذا المجال، وتبدأ الأنشطة بتكسير الصخور بواسطة الكسارة الدوارة العملاقة لخفض حجم الصخور، ثم تنقل الصخور عبر ناقل إلي مرحلة الطحن، حيث تستخدم ثلاثة مطاحن كبيرة لخفض الحجم بدرجة أكبر ثم تنقل الصخور المطحونة في صورة شبة صلبة إلي خزانات الاستخلاص. يتم تعويم الذهب باستخدام الكيماويات لفصل محلول غني بالذهب والذي يتم معالجته فيما بعد بتركيز صغير من سيانيد الصوديوم والكربون النشط لفصل الذهب من المحلول. وقال عصمت الراجحي إن هناك عقبات تواجه كل المستثمرين الذين يعملون في مجال التعدين بشكل خاص، وتعد البيروقراطية أهم تلك العقبات، مضيفا أن عنصر الوقت مهم جدا لمستثمر التعدين، وأكد الراجحي أن قانون التعدين الجديد هو الأسوأ للمستثمرين لما فيه من سلبيات بلائحته التنفيذية من قصور، موضحا انه يجب ان تكون هناك اتفاقيات كثيرة في مجال التعدين لكن نظام الشراكة غالبا ما يضرب هذة الاتفاقيات، حتي أن الحكومة تحصل علي 60٪ بنظام الشراكة، وكان من الافضل إن تحصل علي هذه النسبة في شكل ضرائب، وقد واجهنا اعتراضات كثيرة في بداية تأسيس المنجم، وقال لنا الكثيرون لا تعملوا في مصر لانها تفتقر الي الاماكن التعدينية والخبرات وليس بها قانون تعدين، حتي ان الشركات هربت وظللنا نسير في تنفيذ الفكرة حتي تم تغيير نظرة المستثمرين عن التعدين في مصر، وأشار الراجحي الي ان منجم السكري بعد سنوات من عمله أصبح لديه خبراء في كل دول العالم، وخرج أكبر رؤساء لشركات تعدين في العالم، ويقول عصمت الراجحي إن منجم السكري به محطة كهرباء بطاقة 85 ميجا،وتستهلك سولار بأكثر من مليون جنيه، كما يتم إنارة قرية كاملة للأهالي المجاورين للمنجم. كما تم إهداء محطتي كهرباء بقيمة 25 مليون جنيه لمدينة مرسي علم، بالاضافة الي ان عدد العاملين بالمنجم وصل الي 1500 عامل بخلاف العمالة غير المباشرة التي تزيد عن 2000 عمالة غير مباشرة. وأضح عصمت الراجحي أن استثمارات منجم السكري بلغت مليارا و300 مليون دولار، بالاضافة الي حصيلة الانتاج التي ساهمت في ضخ مايزيد علي 2 مليار في خزينة الدولة. وقال عصمت الراجحي اننا نستهدف انتاج 500ألف أوقية من الذهب سنويا بما يعادل 43 طنا، حيث ينتج المنجم حاليا 12 طنا سنويا، ومنذ بدء الانتاج في 2010 أنتجنا 45 طنا، مضيفا أن انتاج الذهب تكلفته مرتفعة حيث تبلغ التكلفة 70٪ من قيمته. وقال عصمت الراجحي إن استرداد النفقات سيتم بنهاية 2016. وبهذا تكون شركة سنتامين قد استردت كافة نفقاتها، علي أن تحصل الحكومة علي نسبة 60 ٪ من الدخل مع بداية 2017. ويري الراجحي أن المعدات الموجودة في منجم السكري من أكفأ المعدات المتطورة في تشغيل المناجم ويتميز عمال المنجم بالخبرة والكفاءة. من جهته قال يوسف الراجحي، المدير التنفيذي لشركة «السكري» إنه يتم تطبيق أعلي مستويات الأمان وأحدث تكنولوجيا المناجم في العالم خلال مراحل الإنتاج المختلفة، مؤكدًا أن تنقية التشريعات ضرورة لتشجيع جذب رؤوس الأموال إلي الأسواق المصرية، خاصة أن مصر واعدة في مجال الثروات التعدينية. وأن حجم الاحتياطي المتوقع بالمنجم يبلغ نحو 14 مليون أوقية، وسوف يتم تقاسم الإنتاج مع الحكومة المصرية طبقًا للعقد المبرم بداية 2017، وقال يوسف الراجحي إن مصر واعدة في مجال الثروات التعدينية. مشيرا الي وجود منجم ارضي بخلاف الموجود علي سطح ارض السكري. خالد النجار