قطف الموت أمس الجمعة اجمل وردة في بستان الطرب العربي صمت الصوت الجميل للأبد بعد ان غنت وردة اغنية الوداع الاخير في منزلها بالقاهرة. حكاية وردة مع الزمن والطرب امتدت لعقود شدت فيها للجماهير العربية بعمري كله حبيتك ووحشتوني ليرد الملايين يا وردة وحشتينا ونورت ليالينا. وفي يوم وليلة غنت وردة »بودعك« تاركة للملايين من عشاق صوتها حسرة الفراق ومرارة الشوق. وردة مطربة القطرين ولدت في الجزائر وعاشت وماتت في مصر لتعود في النهاية الي تراب الجزائر. شيعت ظهر أمس عقب صلاة الجمعة من مسجد صلاح الدين بالمنيل جنازة المطربة الكبيرة وردة الجزائرية التي توفيت مساء الخميس الماضي عن عمر ناهز 37 عاما أثر إصابتها بأزمة قلبية حادة أثناء نومها.. حيث تم نقل الجثمان ملفوفا بعلمي مصر والجزائر، وتقدم تشييع جثمان وردة السفير العرباوي نذير وأعضاء السفارة الجزائريةبالقاهرة ونقيب الموسيقيين إيمان البحر درويش وممدوح الليثي رئيس اتحاد النقابات الفنية وأشرف عبدالغفور نقيب الممثلين والمطرب هاني شاكر والموسيقار محمد سلطان والمنتج محسن جابر والإعلامي وجدي الحكيم والموسيقار هاني مهني والفنان سامح الصريطي والنجمة لبلبة والموسيقار صلاح الشرنوبي والنجم كمال أبو رية ومجموعة كبيرة من عشاق فنها ومحبيها من الجماهير وكبار المطربين والفنانين والإعلاميين حيث رافقوها إلي مطار القاهرة لنقل جثمانها بطائرة عسكرية خاصة أرسلها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لدفنها في مسقط رأسها الجزائر تنفيذا لوصيتها لأولادها »رياض« و»وداد« حيث يتم إلقاء نظرة الوداع عليها بقصر ثقافة الجزائر من كبار رجال الدولة هناك، ثم تدفن بمقابر منطقة هواري بومدين. وكانت الساعات الأخيرة من حياة المطربة الكبيرة وردة قد شهدت إصابتها بحالة من الدوار وعدم الاتزان وهبوط حاد في الدورة الدموية فاتجهت إلي غرفتها للنوم كعادتها ظهر كل يوم عقب تناولها طعام الغداء وخلال تلك الفترة اتصل بها الإعلامي الكبير وجدي الحكيم فأبلغته سكرتيرتها »نجاة« بأنها نائمة. ويقول الإعلامي وجدي الحكيم ان »نجاة« كانت قد لاحظت علي وردة تعرضها للتعب والإرهاق خاصة عندما لم تستيقظ في موعدها المعتاد فقامت باستدعاء طبيبها د. طارق فياض ليكتشف وفاتها في السادسة مساء بأزمة قلبية حادة. وكانت وردة قد عادت إلي مصر منذ عدة أيام بعد أن أجرت في باريس مجموعة من الفحوص الطبية التي اعتادت عليها عقب نجاح عملية زراعة الكبد التي أجريت لها بنجاح خلال السنوات الماضية علاوة علي قيامها بتركيب جهاز جديد لتنظيم ضربات القلب. وفي طريق عودتها إلي القاهرة قامت بزيارة ابنتها وداد وابنها رياض في الجزائر حيث أمضت عدة أيام مع أفراد أسرتها وأصرت علي أن تتواجد بمصر قبل الانتخابات الرئاسية لتشارك فيها كمواطنة مصرية حيث كانت قد حصلت علي الجنسية المصرية عقب زواجها من الموسيقار الراحل بليغ حمدي واختارت منطقة المنيل لتعيش بها بعد انفصالها عنه. ويؤكد صديقها الموسيقار هاني مهني إنها رفضت عقب قيام ثورة 25 يناير مغادرة مصر والسفر إلي الجزائر وأكدت له أنها تعيش في القاهرة وكأنها في الجزائر تماما فالوطن هنا وهناك واحد ولا يمكن أن تبتعد عن أهلها وناسها وأصدقاء مشوار العمر الذي امتد داخل مصر لأكثر من 45 عاما. وعلي الجانب الآخر يروي الشاعر جمال بخيت كيف كانت وردة رغم مرضها وتعرضها للعديد من الأزمات الصحية عاشقة لفنها وحريصة علي أن تظل حتي اللحظة الأخيرة من حياتها تغني وتمثل فقد اختاره صديقها الموسيقار صلاح الشرنوبي ليكتب لها أغاني مسلسل »آن الآوان« الذي تولي انتاجه وجاءت لتسجل الأغاني داخل ستوديو الشرنوبي ووقفت في الكواليس لتقرأ القرآن قبل مواجهة الميكروفون وكأنها لم تغن من قبل رغم كل النجومية التي كانت تتمتع بها كصوت قوي لا مثيل له. ويضيف جمال بخيت إنها اختارته مع صلاح الشرنوبي ليكتب أغنية »أنا جاية الجزائر« لتشدو بها في ذكري مرور 50 عاما علي الثورة الجزائرية التي شاركها في تقديمها 6 مطربين ومطربات من الجيل الغنائي الجديد بالجزائر ووضع ألحانها صلاح الشرنوبي الذي ارتبطت معه بصداقة قوية وكونت معه ثنائيا قدما من خلاله عشرات الأغاني الناجحة بكل أنواعها وقد خاضت أيضا تجربة تقديم الأغاني الشبابية بإيقاعاتها وكلماتها السريعة الخفيفة. وقد حرصت وردة رغم ما تعانيه من متاعب صحية علي تسجيل ألبوم وفيديو كليب غنائي جديد كانت تترقب موعد طرحه في الأسواق خلال الفترة المقبلة إلا أن الأجل والقدر معا لم يمهلاها ذلك لترحل بعد مشوار حافل بمئات الأغاني العاطفية والرومانسية والقصائد التي حملت توقيع كبار الملحنين والشعراء في مصر والعالم العربي وقدمت للسينما مجموعة من أجمل أفلامها مثل »ألمظ وعبده الحامولي« و»آه يا ليل يا زمن« و»حكايتي مع الزمان« و»صوت الحب«.. ولشاشة التليفزيون قدمت حلقات »أوراق الورد« و »آن الآوان«.. وربما كانت هي المطربة الوحيدة بعد أم كلثوم التي يحرص كبار المطربين والمطربات علي تقديم أغانيها في حفلاتهم الخاصة فغنت لها شيرين عبدالوهاب ونوال الزغبي، وكانت متحمسة جدا للأصوات الجديدة، وأعربت عن سعادتها بموهبة المطرب خالد سليم منذ أن مثل معها مسلسل »آن الآوان«، ووصفت صوته بالقوة والجمال. وعلي المستوي الشخصي كانت وردة معشوقة الوسط الفني بكل أطيافه المختلفة وارتبطت بصداقات قوية مع كبار النجوم بداية من نبيلة عبيد مرورا بيسرا وإلهام شاهين ومحمود يس وعزت العلايلي ومحمود عبدالعزيز وحسين فهمي ونور الشريف وحسن يوسف وهاني شاكر وميرفت أمين ودلال عبدالعزيز وفيفي عبده ولبلبة وسمير صبري ووجدي الحكيم وصلاح الشرنوبي والشاعر الغنائي الكبير عمر بطيشة وممدوح الليثي وكمال أبو رية ومحمد سلطان وأشرف عبدالغفور وعازف القانون ماجد سرور وسامح الصريطي وهاني مهني والمنتج محسن جابر وغادة رجب وشيرين ونادية مصطفي وسميرة سعيد ولطيفة وأنغام وصابر الرباعي وراغب علامة وايمان البحر درويش ومحمد الحلو وعلي الحجار ومحمد ثروت ومدحت صالح وغيرهم من كبار مطربي ومطربات الخليج وشمال أفريقيا. وخلال الأيام المقبلة سيقيم إيمان البحر درويش نقيب الموسيقيين سرادقا للعزاء في الفنانة القديرة وردة باسم فناني مصر وطنها كما كانت تردد، الأول وليس الثاني، والتي كانت تذوب عشقا في كل حبة رمل علي أرضه مثلما هو حالها مع وطنها الأم في الجزائر. وإذا كانت المطربة الكبيرة وردة قد رحلت عن عالمنا بعد رحلة عطاء مليئة بالانتصارات والانكسارات إلا أن حنجرتها الذهبية سوف تظل دائما تشدو بأغانيها الخالدة فصوت الحب لا يتوقف أو يموت حتي لو رحل عنه الجسد وتوقف نبض الحياة فيه فعشق الروح مستمر إلي الأبد.