رغم توالي الأيام وتعاقب السنين وتغير الأحداث والوقائع علي مصر والمنطقة، سيظل للرئيس الراحل محمد أنور السادات مكان بارز ومكانة متميزة في تاريخ مصر، لن يزاحمه فيها أحد ولن يزحزحه عنها أحد، باعتباره صانع النصر وقائد العبور في السادس من أكتوبر 1973، الذي كان وسيبقي لسنوات كثيرة قادمة حدثا فريدا في التاريخ العسكري، بما أحدثه من متغيرات جسام في مصر والمنطقة والعالم، لم يتوقعها أحد ولم يحسب حسابها أحد قبل أن تحدث. والموضوعية والأمانة التاريخية تدعوان كل راصد منصف لأحداث هذه الحقيقة بالغة الدقة والحساسية من تاريخ مصر والمنطقة، للإقرار والتأكيد علي شجاعة وجسارة الزعيم المصري أنور السادات، في اتخاذه لقرار الحرب وخوض معركة الكرامة والشرف وغسل عار الهزيمة،...، في ظل الظروف التي كانت سائدة في ذلك الحين، والتي رآها البعض صعبة في حين رأتها الكثرة الغالية مستحيلة،..، خاصة ما كان واضحا بل ومؤكدا من اختلال ميزان القوي العسكرية لصالح إسرائيل بصورة كبيرة في تلك الآونة. وإذا كنا نقول اليوم ان نصر أكتوبر كان في أساسه وجوهره بمثابة الزلزال الذي هز إسرائيل، وأطاح بأحلامها التوسعية وأسقط ما كانت تروج له من ادعاءات ومعتقدات عن الجيش الذي لا يقهر،..، فإن تلك حقيقة مؤكدة اثبتتها الأيام التالية لمعركة المصير وملحمة العبور التي قادها الزعيم السادات لتحرير الأرض واسترداد الكرامة لمصر وجيشها. ومن المسلمات التي اعترف بها العالم كله شرقا وغربا بعد زلزال أكتوبر، أن ما تم وما جري علي الجبهة المصرية، من تدمير لخط بارليف، وعبور للقناة، واجتياح لنقط العدو الحصينة علي الجانب الشرقي من القناة خلال الساعات الأولي للعبور، هو اعجاز عسكري بكل المقاييس، توقف العالم أمامه بالانبهار والذهول، وأصبح منذ ذلك التاريخ موضعا للدراسة والفحص في كل الأكاديميات العسكرية. ومن الحقائق الثابتة في التاريخ العسكري الآن، ان الرئيس السادات ومعه قادة جيش مصر بكل ضباطه وجنوده، ومن ورائهم وبجوارهم شعب مصر العظيم قد استطاعوا تحقيق النصر وصناعة التاريخ بحروف من نار ونور.