متي تختفي الانفجارات الدامية في العراق؟ سؤال يطرح نفسه بشدة خاصة بعد الانفجار الذي نفذه انتحاري منذ ايام قليلة وسط بغداد وراح ضحيته ستون مواطنا بالاضافة إلي اكثر من مائة جريح. هذا الحادث المأساوي الذي وقع في نهار شهر رمضان الكريم والناس صائمون يلقي بظلاله الكئيبة علي المشهد العراقي علي الرغم من مرور اكثر من سبع سنوات علي الغزو الامريكي للعراق والاطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين. ومازال مسلسل الانفجارات والاغتيالات مستمرا طوال هذه السنوات السبع العجاف والعراقيون يتطلعون إلي ما وعد به الامريكيون قبيل الغزو من نشر الديمقراطية وعودة الحرية إلي بلادهم بعد سنوات القهر وحكم الطاغية صدام حسين.. ولكن للاسف لم يتحقق شيء من هذه الوعود والامال البراقة بل غرقت البلاد فيما هو اسوأ من حكم الطاغية واصبحت نهبا للمغامرين والمقامرين ودفع الشعب العراقي الثمن غاليا ولازال يدفع حتي اليوم المزيد من الضحايا والدماء والدمار والخراب.. خاض الشعب العراقي العام الماضي لاول مرة في تاريخه تجربة الانتخابات الحرة واقبلوا علي صناديق الانتخاب رغم التهديدات والمخاطر التي كانت تحيط بهذه العملية إلا ان رغبتهم الحقيقية في الحرية ووضع حد للمعاناة والمأساة جعلتهم يقبلون علي لجان الانتخابات رجالا ونساء وشبابا يدلون بأصواتهم بحرية في انتخابات حقيقية لاول مرة في حياتهم.. ومع ذلك وبعد نجاح التجربة الانتخابية إلا ان الانقسامات والتشرذم بين السياسيين علي مختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية والعقائدية حالت دون استكمال المسيرة الديمقراطية وعجزت البلاد عن تشكيل حكومة واختيار رئيس لها علي الرغم من مرور عدة اشهر علي هذه الانتخابات وانتخاب جلال طالباني رئيسا للبلاد. واخطر ما يهدد العراق حاليا شبح الانقسام الذي تدعو اليه بعض القوي السياسية والدينية وفي هذه الحالة سينقسم العراق إلي مناطق خاصة للشيعة والاكراد والسُنة ويتطاحن الجميع من اجل فرض سيطرة كل منهم علي منطقته وتصبح دولة داخل الدولة وعندئذ لن يكون هناك عراق واحد بل اكثر من عراق واكثر من دويلة. ولا يخفي علي احد تدخل الاطراف الخارجية الاقليمية وفي مقدمتها ايران التي تتخذ من العراق مسرحا لعمليات عملائها في محاولة للانتقام من العراق الدولة والثأر لحرب الثماني سنوات المأساوية في عهد صدام حسين منذ عام 08 حتي عام 88 من جهة وفي محاولة اخري للانتقام من الامريكيين الذين يناصبونهم العداء ويقفون حجر عثرة امام احلامهم التوسعية في منطقة الخليج والشرق الاوسط واقامة مشروعهم النووي الكبير.. فإيران تري في العراق مسرحا مناسبا لقتل القوات الامريكية الموجودة هناك حيث نجحت طوال السنوات الماضية في النيل منهم وقتل آلاف الجنود الامريكيين في هجمات انتحارية وكمائن هنا وهناك علي الرغم من الاجراءات الامنية المشددة التي تتخذها القوات الامريكية إلا ان العمليات التي قامت بها عناصر انتحارية أو من مجاهدي صدام السابقين استطاعت ان تحقق العديد من اهدافها وقتلت آلاف الجنود الامريكيين وكبدت الخزانة الامريكية آلاف المليارات من الدولارات مما جعل المظاهرات تندلع في العديد من الولاياتالامريكية وفي قلب العاصمة واشنطن نفسها.. ولعل هذا المستنقع العراقي الذي وقعت فيه الولاياتالمتحدة منذ غزو العراق في عهد الرئيس الامريكي بوش الابن هو الذي دفع الرئيس الامريكي اوباما لأن يعلن منذ بداية عهده عزمه علي سحب القوات الامريكية من العراق وكان اغرب رد فعل علي هذا القرار الامريكي ما اعلنه طارق عزيز احد اركان نظام صدام حسين من ان انسحاب القوات الامريكية من العراق سيتركه فريسة للذئاب في دعوة صريحة لاستمرار الاحتلال الامريكي للعراق.. ويأمل الجميع ان تنجح الطبقة السياسية في العراق في تشكيل الحكومة في اسرع وقت حتي تتولي مسئولياتها لعلها توقف هذا المسلسل الدامي وتحقن دماء الضحايا العراقيين الابرياء.