علي مدي الاشهر الثلاثة الماضية اعتاد المصريون علي ان يستيقظوا صباح كل يوم علي برنامج انتخابي جديد لأحد المتنافسين علي المقعد الرئاسي، ومن اجل الفوز بأصوات الناخبين، واكثرهم من »الناس الغلابة« حاول كل مرشح ان يسطر برنامجه بكلمات معسولة، وشعارات براقة، ووعود أقرب إلي الخيال، وتباري الجميع في تحديد جدول زمني لتنفيذ ما يهدفون إلي تحقيقه. المرشح الإسلامي د.عبدالمنعم أبوالفتوح كان أول مرشح رئاسي يقدم وعوداً انتخابية عبر الحديث عن ملامح برنامجه الانتخابي وكانت أهم هذه الوعود هي تعهده بأن تصبح مصر من اقوي 20 اقتصادا في العالم خلال عشر سنوات وتعهده بإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وإعادة محاكمة كل مدني تمت محاكمته أمامها.. كما تعهد بزيادة ميزانية التعليم إلي 25٪ والصحة إلي 15٪ من الموازنة العامة للدولة وبجعل الجيش المصري أقوي جيوش المنطقة والعمل علي تنويع مصادر تسليحه.. ولمغازلة شباب الثورة تعهد بأن يكون نائبه شابا وأن يشغل الشباب 50٪ من المناصب العليا بالدولة واخيرا تعهد بالقضاء علي أمية من هم دون الاربعين عاما بنهاية الفترة الرئاسية الاولي. وعود براقة أما عمرو موسي فقد تمركز برنامجه الانتخابي الذي اعلنه في مؤتمر بعزبة الهجانة الاربعاء الماضي وعنوانه الرئيسي »إعادة بناء مصر..رؤيتي للجمهورية الثانية «علي ثلاثة محاور هي :الاول مشروع تنمية قناة السويس والثاني مشروع التنمية الشاملة لسيناء.. واخيرا مشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي الممتد من البحر المتوسط شمالا وحتي منخفض القطارة جنوبا ومن وادي النيل شرقا وحتي الحدود الليبية غربا بحيث يركز علي انشطة الزراعة والصناعات الغذائية والسياحية والخدمات اللوجستية وتوليد الطاقة الشمسية مع انشاء تجمعات عمرانية تخدم الانشطة المقترحة وترتبط بشبكة طرق اقليمية. وضم البرنامج الانتخابي للمرشح الناصري حمدين صباحي مجموعة من ملامح التطوير والنهضة مع مجموعة اخري من الوعود منها وجود مصر كقوة اقتصادية صناعية تكنولوجية في السوق العالمي خلال 8 سنوات وزيادة مساحة المعمور المصري بنسبة 50٪ في 8 سنوات وتطوير الزراعة وتنمية الريف ورفع مستوي الفلاح المصري، والاكتفاء من الغذاء والطاقة وتحويل الصعيد إلي المنطقة الصناعية لمصر بالصناعات المحلية والغذائية والصغيرة والمتوسطة، والتوجه الشامل نحو الطاقة الشمسية في المساكن والسياحة والمجتمعات العمرانية الجديدة للوصول إلي نسبة 20٪ من اجمالي الطاقة في 8 سنوات وقيادة الدولة لقطاعات الصناعة الاستراتيجية »الحديد الأسمنت السماد النسيج الدواء« والاستقلال الاقتصادي والتوجه للإدخار المحلي والاستثمار المصري والعربي ومحو الفقر المدفع وتوفير سكن ملائم لكل مواطن خلال 8 سنوات والاهتمام بالمهمشين وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والتوجه إلي اللامركزية وانتخاب المسئولين من رئيس الحي إلي رئيس الجمهورية. واكتفي الفريق أحمد شفيق بالتأكيد علي قدرته علي استعادة ثقة دول العالم في الاقتصاد المصري خلال عام من توليه الرئاسة، وتلبية أهداف ومطالب المواطنين في بلد آمن ومتقدم. والسؤال الآن: هل هذه البرامج قابلة للتنفيذ علي ارض الواقع أم انها مجرد حبر علي ورق وللاستهلاك الإعلامي فحسب؟ برامج وهمية أكد اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي ان البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة متقاربة في الكثير منها، وتتصف بالعمومية اكثر من التحديد،مشيرا إلي انها تفتقد إلي العملية التي تمكن الشركات والمؤسسات من ان تمول هذه البرامج مما يجعل الكثير منها يحلق في الخيال. ورأي مسلم صعوبة تحقيق هذه البرامج لأنها لأشخاص وليست مؤسسات وقد تجمع هؤلاء الاشخاص علي عجل لوضع هذه البرامج ليروجوا لشخص معين.. موضحا ان البرنامج الحقيقي يحتاج لفريق عمل يجتمع لفترة طويلة، وفي نفس الوقت تجمعهم فكرة عامة، وقبل كل هذا لابد من وجود حزب يقف وراء هذا البرنامج مشيرا إلي أن أغلب المرشحين لا ينتمون إلي حزب حقيقي باستثناء حزب »الحرية والعدالة« ولكنه حزب جديد ولم يتسن لهم ان يجتمعوا لوضع هذا البرنامج، مضيفا أن فريق العمل لابد ان يضم جميع التخصصات في شتي المجالات ليكون علي دراية بمجريات الأمور والمشاكل التي تواجه كل قطاع وكيفية حلها. واضاف: لا توجد اعذار لمن وضع هذه البرامج .. مشيرا إلي أن بعضهم اساتذة في بعض المجالات وكان لزاما عليهم ان يضعوا برامج واقعية لكن يبدو ان الدراسة شئ والممارسة شئ آخر. غياب البرامج اما علي الجانب الآخر فيري د.محمد الجوادي الأديب والمؤرخ أن الناخبين مضطرون للبحث في شخصية المرشح نظرا لغياب البرامج .. مؤكدا انه لو وجد مرشحا صاحب برنامج قوي لالتف حوله الشعب.. مضيفا ان المصريين في عهد النحاس باشا كانوا يصوتون ل »الوفد« لانه يقدم خدمات لكل قرية وكل نجع، فالنحاس هو من بدأ ببناء الجامعات الاقليمية كجامعة سيناء عام 1942، وضاعف عدد المدارس والمعاهد الدينية ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم والكتاتيب باعتبارها منبع العلم والدراسة.. كما اهتم ببناء بنك التسليف الزراعي والبنك الأهلي.. لذلك ارتبط اسم النحاس كواحد من افضل الزعماء في تاريخ مصر.. ووصف الجوادي برامج المرشحين بأنها لا تخرج عن الدعاية السينمائية التي تقول 3 افلام في عرض واحد أو العرض مستمر للضحك، مشيرا إلي أنه لا يوجد برنامج حقيقي للتنمية فمن المستحيل ان يحقق اي برنامج منهم ربع أهدافه، وأرجع السبب في ذلك إلي أن المعلومات المتاحة عن موازنة الدولة وخطط التنمية شحيحة جدا، ومن ثم لا يمكن البناء عليها... الأوضاع السياسية أولا فيما أكد الدكتور جمال عبدالجواد مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجة ان هناك بعض البرامج الانتخابية قابلة للتحقيق مثل برنامجي عبدالمنعم أبوالفتوح و.عمرو موسي.. وقال: ولكن أتصور ان مصر ليست في الوقت المناسب للتحدث عن المشاريع، ولكنها اللحظة الحاسمة لضبط الاوضاع السياسية، وهي الاكثر قابلية للتحقيق لأن المشاريع تحتاج إلي مزيد من الوقت لضبط الاوضاع القانونية والاستثمارية بين قطاع الاستثمار و الحكومة وهو غير قابل للتنفيذ فهذه المشاريع تحتاج إلي استثمارات ضخمة جدا في بلد يعاني من أزمة في السيولة ومن ثم فإنها غير واقعية وهي احلام مستقلية.. وأضاف :أتصور أن مصر في ظروفها الحالية الآن لاتحتاج إلي مشروعات تستهلك أموالا لكنها تحتاج بدرجة أكبر الي سياسات لضبط الاطار القانوني والسياسي ومن ثم المشاريع التي ستظهر نتائجها بسرعة نسبية لأكبر عدد من الناس.