هناك أطباء هجروا عالم الطب ولجأوا إلي دنيا الأدب، لأنهم ببساطة وقعوا في غرام الكلمة ، وأخذهم الخيال إلي عالمه الرحب ، فقدموا أروع الكتابات ، والإبداعات ، من هؤلاء الدكتور محمد المخزنجي ، الذي أبدع سبعة كتب قصصية، كتاباً علمياً عن الطب البديل، كتاباً الكترونياً في أدب الرحلات، وكتابين قصصيين في الثقافة البيئية للأطفال . قال عنه نجيب محفوظ : "إنه موهبة فذة في عالم القصة القصيرة"، وقال يوسف إدريس: "يمكننا أن نكون من قصصه باقة من أجمل القصص العالمية في هذه الأيام قررت دار الشروق ترجمة واحدة من أروع كتاباته وهو كتاب " حيوانات أيامنا " إلي اللغة الانجليزية . كتاب حيوانات أيامنا عبارة عن قصص علي لسان الحيوانات ولكنه لا يسير علي نهج كتاب الحيوان لابن المقفع، أو علي غرار قصص التراث العربي أو القصص العالمية التي قدمت الحيوان في صورة إنسان، ولا يقدم بحثا علميا عن عجائب المخلوقات، وإنما اعتبره بعض النقاد كتابا سياسيا في الأدب أطلق فيه الكاتب العنان لخياله ليكون الحيوان محورا دراميا تدور حوله نماذج من تسلط البشر.وفي كلمات قليلة علي لسان الناشر تلخيصا لمضمون الكتاب يقول : غزلان قادرة علي الطيران تتبخر، وأسماك تميز الشعر في رنين الصوت. أفيال مبتلة بالماء يجتاحها الجنون، وخيول تميتها الرتابة ويحييها الحلم. دببة تفقد أسنانها في عشق النساء، وجواميس تتفجر في غمرة النور. فراشات بحر تغري وتغوي. إنها ليست مجرد حيوانات، بل حيوات، تتجاور مثل شظايا المرايا فتعكس صورة متسعة لإنسان اللحظة، تهمس أو تصرخ بالرؤي، مستلهمة وحدة التوليف في كتب التراث، ومفارقة باستخدام تقنيات الكتابة القصصية في لغة العصر. ويقول المؤلف في سطور كتابه تحت عنوان" غزلان " : دخل المارينز إلي القصر بعد ليلة طويلة من برق القصف ، ورعد الانفجارات وصوت الحطام ، ولهيب الحرائق. دخلوا مع أول أشعة الفجر المثقلة بأدخنة كثيفة ورائحة أجساد تحترق ، وكانوا منهكين وجائعين لكنهم ثملون بنشوات نصر لهم لم يتصوره ويتحقق بهذه السرعة، وهو ما زاد من شعورهم بالجوع ودفعهم لتمشيط أرجاء القصر الرئاسي وحدائقه بحثا عن طعام ، فوجدوا الغزلان هناك، ووجدوا الأسود أيضا. كانت الغزلان متجمدة من الرعب، في حضن شجيرات الاسيجة التي تتخلل ممرات حدائق القصر ، فلم يجد المارينز صعوبة في الإمساك بها، وجرها الي مكان الاحتفال في البهو الرئيسي حيث أوقدت نار الشواء من خشب مقاعد محفورة بأمهر أيادي صناع الأثاث في العالم، ومطلية بطبقات من رقائق الذهب الفرنسي الخالص. وكان بعض أفراد المارينز قد اكتشفوا الأسود وهم يمشطون جنبات القصر ، أربعة اسود في أقفاص من الصلب اللامع الذي لا يصدأ، تلوب جائعة في أقفاصها ، وتزأر بحناجر أتلفها الجوع والدخان والغبار. كانت اسود ابن الرئيس التي تردد انه يطعمها لحم من يغضب عليه. واقترح بعض المارينز إبقاء شئ من لحم الغزلان ، للتسلي بإطعام الأسود بعد انتهاء الوليمة.