مطلوب آليات مبتكرة لزيادة الإنتاجية والاضطلاع بدور رائد في عملية التنمية واطلاق قدرات المصريين في الابتكار والإبداع الرؤية المستقبلية هي كلمة السر لصياغة مشروع نهضة مصر ولما كانت متطلبات وضع خريطة اقتصادية حضارية لبلادنا تقتضي اللحاق بركب التطور العالمي، فإن السبيل إلي تحقيق ذلك هو الانتقال إلي مجتمع المعلومات الذي يتجاوز عصر الصناعة.. وكما أوضح العالم الاقتصادي الدكتور سمير أمين، فإن مجتمعات المعلومات تصبح في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين مجتمعات معرفة، أي يقوم اقتصادها أساسا علي المعرفة، وهو اقتصاد رقمي يعتمد في توليد ناتجه القومي علي اكتساب المعرفة من خلال الابتكار وتطبيق التكنولوجيا، وبالتالي فإنه اقتصاد يؤدي إلي الوفرة.. إننا في حاجة إلي توطين التكنولوجيا في بلادنا بقدر حاجتنا إلي مشروعات خدمية. ومازالت الصناعة هي قاطرة التنمية. والطلب المتزايد علي التكنولوجيا الحديثة المتطورة يشكل فرصة حقيقية لنمو قطاع تقنية المعلومات أو الانتقال من القوة العضلية إلي العقل - علي حد تعبير سمير أمين - ومعني ذلك ان الأمر ليس مجرد تطبيق تقنيات جديدة وانما هو ثورة في كل مناحي الحياة اليومية. ومعلوم ان لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات دوراً رائداً الآن في التنمية الاقتصادية، مثله في ذلك مثل قطاع الإنشاء والتعمير، بل انه يساعد علي إدارة أزمة الغذاء. وهنا يطرح سمير أمين مساهمته الفكرية عندما يؤكد اننا إذا كنا بصدد خطة منهجية لمنظومة إنتاجية حديثة وفعالة تشمل تطوير وتسريع عملية تصنيع الاقتصاد، من جانب، وتحقيق ما يسميه ب«السيادة الغذائية»، من الجانب الآخر، فإننا في حاجة إلي سياسات محددة لإنعاش القطاع الزراعي وربط تصنيع الاقتصاد بالسيادة الغذائية ثم تطوير القدرة التنافسية للأنشطة الانتاجية في مجملها. والمقصود بالسيادة الغذائية هو قدرة الزراعة المحلية علي توفير المنتجات الغذائية الرئيسية للسكان. إذن، فإن المطلوب هو بناء هذه المنظومة الإنتاجية الصناعية علي نحو يجعلها ترتبط ببعضها في شبكة كثيفة من التبادلات البينية حتي تكون نسيجا اقتصاديا متماسكا فيصبح نمو أحد أطرافها مصدرا وسببا لنمو الأطراف الأخري، أما القدرة التنافسية، فإنها تعتمد علي عوامل اقتصادية واجتماعية متعددة، بينها المستوي العام لتعليم وتدريب العمال علي جميع المستويات، وكفاءة مجموع المؤسسات التي تدير الاقتصاد السياسي القومي، أي السياسة المالية والقوانين المنظمة للأعمال وقانون العمل والتأمينات والخدمات الاجتماعية.. إلخ.. ويجب علي الدولة ان تتطلع إلي الداخل أكثر من تطلعها إلي الخارج بهدف إيجاد سوق محلية، وبالتالي إعادة التأكيد علي السيادة الوطنية علي الاقتصاد القومي والموارد الطبيعية وضمان الاكتفاء الذاتي من الطعام، كما إنه يجب علي الدولة أن تحتفظ بدور ما في قيادة عملية التنمية وعدم تركها لعشوائية السوق.