لا أظن أن قضية القدس قابلة لأي تنازل أوحتي شئ منه، فهي في ضمير المسلمين حقيقة جسدت السلام، يوم تسلم مفاتحها الخليفة العادل عمر، فقد أكد رضي الله عنه بتصرفه الرفيع المتواضع عن كل قيم التسامح وقبول أهل الاديان السماوية بل منحهم حقوقاً لم تكن في حسبانهم ولم يتصوروا أن فاتحاً من الفاتحين قد يعطيهم هذا الأمان، وهذه الحرية في العبادة وفي الحياة بشكل غير مسبوق في التاريخ، ولو أن الصهاينة الذين احتلوا القدس والأراضي العربية، قرأوا شيئا أو تعلموا درساً من، سير الأولين لما فعلوا ما يفعلون الآن، ان حيلة »نتنياهو« الجديدة تؤكد عدم الجدوي من وراء الحوار مع هؤلاء، وهذا ما يريدون ان يلتفوا حوله وينسجوا الشباك والاحابيل لكي تحدث الفتنة الكبري وينزلق العرب من جديد في اتون الحرب المفتوحة، ولست ادري كيف صدقنا يوماً أن الاسرائيليين يريدون السلام وأنهم سئموا المؤامرات والوقيعة بين الشعوب وإثارة الحروب التي تروج بضاعتهم المعروفة، إننا حقا أمام مهزلة دولية بكل المعايير، فهل تراجع الرجل الذي حسبناه بطلا انسانيا واندفعنا نؤيده ونؤازره، ونرفع من قدره مع اصحاب حقوق الانسان العظام لانه عزم امام العالم جميعاً وتعهد أن يقدم حلا للقضية الفلسطينية لا يضيع اصحاب الحق، هل تراجع »أوباما« تحت ضغط اللوبي الصهيوني في أمريكا الذي وقف أمامه يوما قبل انتخابه وقال إن اليهود اضطهدوا تماماً مثل الزنوج فقضيتهم واحدة، إني لاتذكر وأعرف أن مزيداً من الوقت نضيعه نحن العرب وأن اعادة الحق العربي لن يكون إلا باليد العربية، وأن مسألة التعامل بهذا التخاذل والتراخي مع القضية العربية ولا اقول الفلسطينية يؤدي في النهاية إلي دائرة مفرغة، سوف تزيد من الاحتقان الشعبي في كل البلاد العربية والاسلامية، وتزيد من حرج الحكام أمام شعوبهم، إذ أن السلام الذي يضعونه أمامهم علي طاولة المفاوضات مؤجل الي مالا نهاية بفعل صهيوني وأن المزيد من الأمل فيه يعني السراب البعيد، لقد أنتصرت الارادة العربية في كثير من المواطن، واستطاع الذين عزموا ان ينالوا من عدونا وأن يجبروه علي الانسحاب من ارضنا السليبة، ولو تذكر أحدهم، أن اسرائيل في أكتوبر 37 كانت قابلة للزوال في لحظات، وأن قادتهم صرخوا بأعلي الصوت فاقدين الصواب، انقذوا اسرائيل قبل أن تفني، ولولا الجسر الجوي الأمريكي لبادت اسرائيل من الوجود، هل تذكروا هذا ام أن الذاكرة تضعف وتضمحل عندما يتعلق الامر بحقوق الآخرين، إن ما يجري الان من مناورات صهيونية وأكاذيب وتلافيق واستقواء باللوبي اليهودي في أمريكا والانسلاخ والتنصل من اي عهود ومواثيق يضع المنطقة كلها علي حافة حرب قد يكون ثمنها نفس الثمن الذي دفعته اسرائيل في 37 وإنني واثق من ان مزيداً من تعنت هذا الرجل البغيض وعصابته هو مزيد من تماسك العرب وعودة الارادة لديهم، فلا ينتظر »نتنياهو« من الأجيال التي تري إجرامه والاته الحربية التي تقتل الابرياء وتدمر الحياة، لا ينتظر الا ما ذاقه من قبل هو وقومه، وليكن معلوماً من جديد أن القدس هي عاصمة عربية مقدسة لن نقبل فيها أي مساومة مهما كان الثمن.