ملفه الأصعب، لكن إنجازه يصوب أخطاء كثيرة، ويحقق نقلة نوعية تنعكس علي سوق العمل بتوفير فرص عمل جديدة وتشغيل الشباب والقضاء علي البطالة. تلك هي رؤيتي للملف الذي يحمله د. محمد يوسف وزير التعليم الفني، ولا أبالغ في تصدر هذا الملف علي أية ملفات أخري، خاصة في ذلك التوقيت. لسنوات طويلة ونحن نتحدث عن تطوير التعليم الفني، ونضع الخطط طويلة وقصيرة الأجل، دون أن نصل إلي ذلك التطوير ولا إلي أية حلول تؤدي بنا إليه، وعلي النقيض تماما، فقد تدهور التعليم الفني وبلغ أدني مستوياته، ليهدد عنصراً من أهم عناصر العمالة وهو العامل الفني أو الحرفي كما نطلق عليه. وبعد أن كانت مصر مفرخة للعمالة الفنية تصدرها لجميع الدول العربية الشقيقة وغيرها، أصبحت تعاني من ندرة هذه العمالة وعدم وجودها. أصبحنا نعجز عن العثور علي سباك محترف وسمكري وكهربائي ومهن كثيرة، راح يشغلها هواة أو فهلوجية إن صدقنا التوصيف لهم. تحول الفائض إلي مشكلة يومية تواجه كل منزل عندما يتعرض لعطل فني يتطلب الاستعانة بحرفي لإصلاحه.. رحلة بحث شاقة دائما ما تنتهي بفشل إصلاحها أو تفاقمها مما جعل الكثيرين يعيشون مآسي متكررة العامل الرئيسي فيها تكبد صاحب المشكلة أموالا يدفعها علي حساب احتياجات أخري بلا مقابل خدمة جيدة يحصل عليها. ولم تقتصر المأساة علي السوق الداخلي، بل انعكست علي الخارج بفقد العمالة المصرية لمكانتها وأهميتها في الأسواق العربية، وحلت مكانها العمالة الآسيوية التي أثبتت مهارة عالية وخدمة بأقل تكلفة. فصل التعليم الفني عن التعليم العام بداية قد تصل بنا إلي ما نهدف إليه بشرط تطبيق ما قاله الوزير محمد يوسف في حواره مع «الأخبار».. فالدراسة الفنية للمتميزين في المهارات وليست للفاشلين أصحاب المجاميع المتدنية، وتنمية المهارات واستحداث الجديد فيها بما يتوافق مع حاجة السوق، كل هذه عناصر جيدة، ولكن هناك عنصر آراه أكثر أهمية وهي تغيير نظرة المجتمع إلي العمالة الفنية وإلي الحرفي. العامل الفني لا يقل أهمية عن حامل درجة الدكتوراة والماجستير.. كلنا في النهاية نؤدي رسالة واحدة لصالح المجتمع. من دعاء النَّبي ﷺ ربِّ أَعِني ولا تُعِنْ عليَّ وانصُرني ولا تنصُرْ عليَّ وامكُرْ لي ولا تمكُرْ عليَّ واهدِني ويَسِّرِ لي الهُدي وانصُرني علي من بغي عليَّ ربِّ اجعلْني لك شَكَّارًا لك ذَكَّارًا لك رهَّابًا لك مِطواعًا إليك مُخبِتًا أَوَّاهًا مُنيبًا.