امرأة تجاور الموتي, تنام وتصحو علي الصراخ والعويل, وتتنفس روائح نتنة تنبعث من المقابر, تعيش علي الصدقات وماتجود به ايدي اهل الموتي وزوار المقابر. حياة بائسة بكل ماتحمله الكلمة من معني. طعام بسيط ومياه غير صالحة للاستهلاك الادمي وتهديدات مستمرة من البلطجية وتجار المخدرات والخارجين علي القانون الذين يجدون في المقابر مكانا مناسبا لجرائمهم بعد ان اصبحت تجارة المخدرات علي الملأ امام عينيها وامام اطفالها وتشهد يوميا البلطجية وهم يتقاسمون الغنيمةو يتصارعون عليها بالسنج والمطاوي ويهاجمونها ليلا من أجل سرقتها ونهب محتويات المدفن الذي تعيش فيه.. تستيقظ الست فاطمة صقر «الترابية» بمقابر زين العابدين بالسيدة زينب فجرا بحثا عن لقمة العيش وتنام بعد صلاة العشاء خوفا من البلطجية وقطاع الطرق.. مؤشر المذياع دائما لا يتحرك عن اذاعة القران الكريم حتي يحميها من الخوف الذي تشعر به معظم الوقت..معاناة علي مدار الساعة لا يتحملها رجل. تقول التربية فاطمة صابر انها تجلس في الصباح علي كرسي متهالك في فناء الحوش في انتظار دفن احد الموتي حتي تحصل علي اقل الاموال لتوفير القوت اليومي لابنائها، راضية بنصيبها وبقضاء الله.. عاشت التربيه وترعرعت وهي طفلة علي الصدقات والرحمات واب يعمل ارزقيا ، وام تحاول حماية اطفالها ايضا من البلطجية والكلاب الضالة المنتشرة بالمقابر, تزوجت في سن السابعة عشرة من شخص بسيط يعمل ارزقيا ويعيش في المقبرة المجاورة وعاشت مع زوجها في نفس المقبرة بعد ان انتقل والدها إلي مقبرة اخري.. تعمل فاطمة كل يوم من الساعة السادسة فجرا , تقوم برش المياه حول المقابر وتنظيف الحوش من الداخل قبل وصول اهل الميت لدفن الجثة بساعة ,كما تستقبل فاطمة الزائرين بالصبار وأكاليل الورود حتي تقدر ان تكسب لقمة عيشها وسط الموتي, فعلي الرغم من انها سيدة الا انها ب 100 راجل وسط المقابر فالمنافسة شديدة بينها وبين الرجال التربية. تتحدث بصوت منخفض وبهمهمات محملة بالألم.. سألناها عن صحتها فأكدت انها أصيبت بالربو منذ عامين وتم حجزها في مستشفي 10 ايام وخرجت منه والمرض ينهش جسدها النحيل دون ان تشفي موضحة ان الاطباء اكدوا لها اصابتها بالمرض بسبب الروائح التي تشمها من المقابر بعد دفن الموتي واختتمت فاطمة «أقدم تربية في السيدة زينب» حديثها قائلة : «كل من عليها فان « متمنية لإبنتها الصغيرة ان تكبر ويكون مستقبها افضل منها حتي لاتحتاج إلي احد وسط الأموات . هويدا أحمد