التشكيك في مستقبل علاقة مصر والسعودية لم يبدأ بعد وفاة الملك عبدالله، إنما بدأ مبكرا وتحديدا منذ أن بدأ الانخفاض في أسعار النفط عالميا، وهو ما رآه البعض في الغرب سوف يؤثر علي قدرة السعودية في تقديم دعم مالي جديد لمصر.. غير أن هذه الأحداث التي تشكك في متانة علاقة مصر والسعودية ارتفعت أكثر بعد أن لقي الملك عبدالله ربه.. واستند أصحاب هذه الأصوات إلي حفنة من الأسباب المتنوعة، منها أن خادم الحرمين الجديد الملك سلمان كما ذهب البعض أكثر قربا من السلفيين الأصوليين داخل السعودية من الملك عبدالله، ومنها أيضا أن السعودية باتت تحتاج لدور الإخوان في اليمن لمواجهة الحوثيين الذين سيطروا علي العاصمة صنعاء ودبروا انقلابا ضد رئيسها عبدربه منصور هادي، ومنها كذلك أن السعودية في حاجة لتركيا كقوة سنية في المنطقة لمواجهة التمدد الإيراني الشعبي فيها.. وبالتالي فإن اقتراب السعودية من اخوان اليمن وتركيا سيكون خصما من قوة ومتانة علاقتها مع مصر.. بل إن بعض هؤلاء انطلقوا يروجون لتكهنات حول رغبة السعودية التوسط بين مصر وتركيا، وبين الحكم المصري الجديد والاخوان في مصر. غير أن أصحاب هذه الأصوات يغفلون الكثير وهم يرددون هذه التكهنات والتوقعات ويروجون لها. فهم يتغافلون أن الموقف السعودي الداعم لمصر بقوة بعد الثالث من يوليو 2013 لم يكن موقف الملك عبدالله وحده، انما السعودية اتخذت هذا الموقف والملك سلمان كان مشاركا في الحكم من موقع ولي العهد، بل لعل مشاركته كانت أكبر في ظل مرض الملك عبدالله رحمه الله، والأميرمقرن كان أيضا وقتها وليا لولي العهد، وهو من سبق أن بادر باتهام الإخوان بالغدر وخيانة الأيدي التي امتدت إليهم بالعون حينما ايدوا غزو صدام للعراق.. أما الاضافة الجديدة للبيت الملكي في السعودية فهي تتمثل في الامير محمد بن نايف وزير الداخلية الذي صار وليا لولي العهد الآن، وهو بحكم منصبه يدرك خطورة جماعة الإخوان، والامير محمد ابن الملك سلمان الذي صار رئيسا للديوان الملكي ووزيرا للدفاع وهو في الغالب يسير علي درب والده وان كان بحماس الشباب. وهم أيضا يتغافلون أن المتشددين والأصوليين في السعودية الذين يقال إن الملك سلمان كان يحتفظ بعلاقات طيبة معهم هم أنفسهم الذين لا يرون الآن أي تغير في السياسات السعودية عما كان قائما في حياة الملك عبدالله.. وهذا أمر منطقي لان السعودية التي تخوض حربا ضد الإرهاب في الخارج لن تتساهل مع التشدد والتطرف في الداخل. وهم كذلك يتغافلون الكثير من المؤشرات التي خرجت من السعودية لا تقتصر فقط علي استمرار ادراج الإخوان كجماعة إرهابية، مثل احتواء الآثار الجانبية لما سمي بالتسريبات التليفونية، ومثل الدور السعودي وراء اصدار الامين العام لمجلس التعاون الخليجي بيانا يجدد فيه دعم دول الخليج لمصر، وأيضا مثل المناورات العسكرية المشتركة بين مصر والسعودية. ان مصلحة السعودية ان تكون مصر قوية.. ولا يتعارض ذلك مع استقبال الرياض اردوغان أو أن يشترك نائب القرضاوي في مؤتمر بمكة مثلما لم يمنع التطابق في المواقف السعودية والمصرية تجاه سوريا عن تقديم السعودية دعما قويا لمصر.