كان لابد من الحرب ضد الارهاب في سيناء- منطقة الشمال- للقضاء علي الجماعات التكفيرية التي تهاجم الكمائن الحدودية وتستهدف قوات الجيش بعد التسلل من قطاع غزة هل انتهي الإرهاب في سيناء؟ وهل استقرت الاحوال بعد الضربات التي وجهها الجيش ضد جماعات التكفيريين وبعد تطهير اوكارهم في رفح والشيخ زويد وجبل الحلال؟ وهل الحل الامني هو الطريق الامثل لمواجهة مشاكل سيناء وعدم عودة الارهابيين؟ لابد من رؤية متغيرة من جانب الحكومة تجاه سيناء ولا تقتصر النظرة إليها علي الأوضاع الأمنية وعلي انها قاعدة الارهاب ومقر الجماعات التكفيرية التي تتسلل عبر الحدود مع قطاع غزة.. فإن قبائل سيناء ترفض ما يحدث علي ارضها من تلك العناصر الخارجة علي القانون والتي تستهدف الجيش وحرس الحدود وقوات الامن واذا كان البعض منهم قد استجاب للقيام بتلك العمليات الارهابية بتأثير وتخطيط من الخارج فإنه ليس معني ذلك ان السيناويين يخضعون لهذه الجماعات ويمدونهم بالمساعدة والعون ولكن هناك عوامل اوقعت بشباب القبائل العاطلين إلي الانخراط في الجماعات التكفيرية في ظل سنوات الاهمال والعزلة وغياب التنمية عن ارض سيناء وخاصة في الشمال والوسط.. رغم ان شيوخ القبائل وعواقلها يرفضون ما يحدث لانه دخيل علي سيناء ولأنهم هم الذين يدفعون الثمن في المواجهات مع الجيش والشرطة.. ولذلك يري الشيوخ والشباب انه حان الوقت لتنفيذ مشروعات التنمية التي وعدت بها الحكومات المتعاقبة علي مدي سنوات وحتي تقطع الطريق علي العناصر التي تحاول استغلال السيناويين في الاعمال الارهابية لحساب جهات خارجية في ظل البطالة والحاجة إلي الخدمات. ان مساحة سيناء تقارب سدس مساحة مصر ومع ذلك فان تعداد سكانها لا يتجاوز نصف مليون ولم يحدث استثمار الثروات الطبيعية والمعدنية الكامنة في جبالها وخصوصا في منطقة الوسط ولم يفكر المستثمرون في إقامة المشروعات اللازمة والاستفادة من كنوزها.. مثل ما حدث في منجم الذهب وفي مصانع الاسمنت وغيرها.. ولابد من تحديد المناطق التي سوف يشملها العمران بالمصانع والمنشآت التي يتجه إليها المستثمرون، وهو ما يتطلب مدنا سكنية جديدة بدلا من العشش والخيام التي يسكنها البدو وخصوصا في الوسط حيث الجبال التي تعتبر مأوي لعناصر الخارجين علي القانون وجماعات الارهاب.. ولكي تجتذب العمال للاقامة بالقرب من المصانع.. وهو ما يتطلب وضع استراتيجية جديدة لتعمير سيناء والاهتمام بالتنمية وتوفير الخدمات المطلوبة وتسهيل المواصلات بشبكة طرق تربط الشمال بالجنوب وبحيث لا يقتصر الحال علي القري السياحية- مثل شرم الشيخ- وكان هناك خط لسكة الحديد يربط مدن الساحل الشمالي من بالوظة إلي العريش ورفح بمدن القناة ولكن جرت سرقة القضبان الحديدية علي ايدي الاسرائيليين أولا تحت الاحتلال.. وأيا كانت التكاليف فإنها ضرورية للسيناويين ومشروعات التنمية والصناعة والزراعة.. والسياحة..! لقد استطاع الجيش والشرطة القضاء علي معظم بؤر الارهاب وتطهير اوكارها الكامنة في المخابئ الجبلية ولكن ذلك لا يكفي ولا يمنع من تكرار ما حدث علي مدي سنوات لو لم تتطور الحياة في سيناء بمشروعات التنمية واقامة المصانع وتوفير الخدمات..! ولكن الحرب ضد الارهاب لم تنته في سيناء ولم تستقر الاوضاع ومازالت بقايا الجماعات التكفيرية تواصل اعمالها الارهابية.. وقد تمكنت قوات الجيش- المستمرة في حملتها- من تصفية عناصر من جماعة بيت المقدس في منطقة الشيخ زويد وقامت بتدمير العشش ومخازن الاسلحة التي كانت تستخدمها في عملياتها.. ومازالت المواجهات مستمرة وذلك يعني انها تأخذ وقتها حتي يمكن القضاء نهائيا علي عناصر الجماعات التكفيرية واقرار الأمن بينما يتم حماية الكمائن الحدودية وتحصيناتها من هجمات الإرهابيين.. وذلك يعني أن الاحوال في شمال سيناء مازالت تعاني عدم الاستقرار ولا تشجع علي تنفيذ مشروعات التنمية والبناء وتحقيق مطالب السيناويين الذين يرغبون في عودة الامور إلي طبيعتها، ولعل ذلك يتحقق بعد القضاء علي آثار الارهاب!