هذا نهار مختلف...رائحة القهوة تعود مرة أخري، بعد قطيعة دامت لأكثر من خمسة عشر عاما.. ما الذي أعادها هذا اليوم بكامل حضورها، صوت المذاق، صوت الرائحة، والتأمل والذكريات، والقراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح.. هذا سر الصباح الذي يعرفه عشاق القهوة في كل مكان..زميل دراستي بالمدرسة الابتدائية وائل وحيد إسماعيل( هكذا تنطق الطفولة الأسماء ثلاثية) كبرالآن صار طبيبا جراحا في لندن، منذ أكثر من ثلاثين عاما..ومنذ 30 عاما يبدأ صباحه الإنجليزي بصناعة قهوته بيديه، ثم تصويرها علي الهاتف، وأرسالها إلي الأصدقاء مع تحية الصباح.. طقس يومي لا يتأخر عنه أبدا.. صناعة القهوة بيديه، في ذلك الصباح الإنجليزي، لها خصوصية مصرية، ومذاق مصري.. هذا الشعور بالهوية (هوية فنجان القهوة) يصل لدي محمود درويش إلي ربطه بالكتابة وإبداع القصيدة (أيد لا تجيد صناعة القهوة..لا تجيد صناعة القصيدة). في كتاب درويش النثري(ذاكرة للنسيان) فصل رائع في تمجيد القهوة، وصناعتها، واحتسائها، وهويتها (أعرف قهوتي، وقهوة أمي، وقهوة أصدقائي،أعرفها من بعيد، وأعرف الفوارق بينها، لا قهوة تشبه قهوة أخري، ليس هناك مذاق اسمه مذاق القهوة، فالقهوة ليست مفهوما، وليست مادة واحدة، وليست مطلقا، لكل شخص قهوته الخاصة، الخاصة إلي درجة أقيس معها درجة ذوقه الشخصي، وأناقته النفسية بمذاق القهوة....ثمة قهوة لها مذاق «الكزبرة» وذلك يعني أن مطبخ السيدة ليس مرتبا، وثمة قهوة لها مذاق «الخروب» وذلك يعني أن صاحب البيت بخيل، وثمة قهوة لها رائحة «العطر» وذلك يعني أن السيدة شديدة الاهتمام بمظاهر الأشياء.........) رائحة القهوة هذا الصباح.....نهار مختلف!