بعد أن أغرق البلاد في حرب أهلية يريد أن يعود الآن إلي الساحة السياسية بكل قواه.. هو علي عبد الله صالح الرئيس اليمني السابق، فقد ترك صالح الرئاسة في فبراير 2012 وسلّم موقعه إلي الرئيس الانتقالي في احتفال رسمي وذلك بعد توقيعه المبادرة الخليجية التي نصّت علي الحصانة التي حصل عليها والتي لا تسمح لأحد بملاحقته قضائيا. فهناك تكهنات تشير إلي وجود علاقة بين صالح وبين احتلال العاصمة صنعاء من قبل الحوثيين فإذا صح ذلك يكون صالح قد محا كل أثر وطني يمكنه من خلاله أن يبرر سنوات تفرده بالسلطة ومؤامراته التي سهلت له الإطاحة بالكثير من رموز السياسة اليمنية وملامح الفساد التي تميزت بها حقبته، فالمظاهرات التي شهدتها العاصمة اليمنية والتي قام بها أنصار صالح فيها برفع صوره وصور زعيمين حوثيين تؤكد تلك التكهنات. وكان مجلس الأمن الدولي قد فرض يوم الجمعة الماضي عقوبات علي صالح و2 من زعماء الحوثيين لتهديدهم سلام واستقرار اليمن وعرقلة العملية السياسية. وتتمثل العقوبات في منع كافة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة من منح تأشيرات دخول لكل من صالح والقيادي عبد الخالق الحوثي وقيادي متمرد آخر هو عبد الله يحيي الحكيم، بالاضافة الي تجميد أموالهم. وتأتي هذه العقوبات بعد ساعات علي مظاهرة جرت الجمعة في صنعاء وشارك فيها آلاف المؤيدين للحوثيين وصالح رفضا لمشروع قرار فرض العقوبات. وقد أكّد صالح أنّه «صامد» في مواقفه و»متمسك» بها نافيا في الوقت ذاته أي تعاون وتنسيق مع الحوثيين (أنصار الله)، كما أشار إلي أن كل التجارب التي مرّ بها اليمن تستبعد أن يتمكن الحوثيون من أن يسيطروا علي اليمن كلّه، موضحاً أنّ هناك من حاول ذلك في عام 1948، لكنّه فشل في تحقيق ما كان يصبو إليه وكان صالح قد نفي سعيه لزعزعة استقرار اليمن وحذر حزب المؤتمر الشعبي اليمني من أن أي عقوبات تفرض علي زعيمه صالح أو حتي التلويح بمثل هذا التهديد. كما حذر الحزب، الذي يرأسه صالح من أن أي عقوبة ستكون لها عواقب خطرة ليس فقط علي أمن اليمن بل أيضاً علي جيرانه، وقال إن أنصاره وحلفاءه يتصدون للعقوبات «بكافة الوسائل السلمية وقرر حزب صالح إقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من منصبه كنائب رئيس الحزب وأمينه العام، ويَتهم المؤتمر الشعبي العام منصور بأنه طلب من الأممالمتحدة فرض العقوبات الاخيرة علي صالح معتبرا انه يُعرِّض السلام في البلاد للخطر. وقد أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي تشكيل حكومة جديدة يرأسها خالد بحاح رئيس الوزراء المكلف في خطوة قد تساعد علي نزع فتيل أزمة سياسية. وتضم الحكومة الجديدة 34 وزيرا من السياسيين من جماعة الحوثيين وسياسيين من جماعة الحراك الجنوبي الانفصالية يذكر أنّ الحوثيين اجتاحوا صنعاء في 21 سبتمبر بعد سقوط معسكرات اللواء 310 في مدينة عمران، وكان هذا اللواء بقيادة العميد حميد القشيبي الذي قتله الحوثيون في أثناء المعارك واستولوا علي كميّات كبيرة من الأسلحة كانت لدي هذا اللواء المعروف بأنّه تابع للواء علي محسن صالح الأحمر المستشار العسكري لرئيس الجمهورية، وعلي محسن صالح محسوب علي الإخوان المسلمين في اليمن وقد غادر صنعاء بعد سيطرة الحوثيين عليها. خاض الجيش اليمني تحت قيادة صالح ست حروب مع الحوثيين من 2004 وحتي عام 2010، وطوال تلك الحروب كانت المعارك محصورة بمحافظة صعدة، ولم يتمدّد الحوثيون خارج صعدة التي اخرجوا منها باكرا بعد تسلّلهم إليها، إلّا بعد تحريك الإخوان المسلمين الشارع ضد صالح في أواخر السنة 2010 وبداية 2011. ولد صالح في 21 مارس 1942 في «بيت الأحمر، سنحان وبني بهلول لعائلة فقيرة وفقد علي والده مبكرا وتربي علي يد زوج والدته، كان صالح يرعي الغنم وتنقلت أسرته بين القري أيام الجفاف بحثا عن المرعي، والتحق بصفوف الجيش الإمامي في سن السادسة عشرة قبل التحاقه بالجيش، غادر صالح إلي «مديرية قعطبة» في «محافظة إب» وأراد الانضمام للجيش وهو في سن الثانية عشرة التحق بالجيش الإمامي إلا أنه رُفض لصغر سنه ولكن وساطة قبلية مكنته من الالتحاق بالجيش ومن ثم لمدرسة الضباط عام 1960 وهو في الثامنة عشرة من عمره.. تدرج صالح في حياته العسكرية، حيث التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولي بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات حتي وصل إلي قائد «لواء (وحدة عسكرية)» للواء تعز عام 1975.. قام صالح بتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام ولا يزال يرأسه عقب تنحيه من رئاسة الجمهورية، في عام 1990، عارض صالح جلب قوات أجنبية لتحرير الكويت ومرد معارضته هو خشيته أن تعرقل السعودية مسار الوحدة اليمنية فقد اعتقد صالح أن حليفا كصدام حسين سيمكنه من خلق توازن في العلاقات اليمنية السعودية ولم تكن نية صالح موجهة ضد الكويت فهو عارض الغزو العراقي ولكنه لم يوافق علي جلب قوات أجنبية في نفس الوقت. يوليو 2005 أعلن علي عبد الله صالح أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخري وأعاد نفس الخطاب أكثر من مرة، ولكن في مقابلة مع بي بي سي في «24 يونيو» 2006 أعلن أنه سيرشح نفسه للانتخابات في شهر سبتمبر لأنها إرادة الشعب علي حد تعبيره.. أعتمد صالح في بداية حكمه علي عدد من الوحدات العسكرية التي يقودها أقرباؤه وفي المقدمة منها الفرقة الأولي مدرع والتي ظلت حتي 2012 تحت قيادة علي محسن الأحمر أحد أهم العسكريين.تعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن منذ عام 1978 وحتي تسليمه للسلطة في «25 فبراير» 2012، تولي علي السلطة .