بمجرد أن أمر الرئيس باراك أوباما بتنفيذ ضربات جوية ضد مواقع لتنظيم «داعش» شمال العراق، هرع المراقبون والمحللون للتساؤل عما اذا كانت تلك الضربات كافية للقضاء علي ذلك التنظيم الذي تفوق علي «القاعدة» فيما ارتكبه من جرائم ضد الإنسانية وذهب بعضهم لوصف «روشتة» عسكرية للقضاء عليه.. لكن السؤال الأجدر بالتفكير: هل تريد أمريكا أصلاً القضاء علي «داعش»؟ والواقع ان واشنطن قد وضعت نفسها في أزمة اذ ان حرارة التصريحات الأمريكية عن الخطر الذي تمثله داعش والجرائم التي ارتكبتها في العراق لم تقابلها حرارة في القصف الذي شنته طائراتها علي مواقع داعش قبل نحو أسبوع شمال العراق.. مما يثير السؤال حول ما اذا كانت داعش تمثل أصلا تهديدا للمصالح الأمريكية في المنطقة؟! فالجيش الأمريكي قد استنفر لمواجهة القاعدة في اليمن والصومال وباكستان ويشن من وقت لآخر غارات جوية متقطعة علي مسلحيها.. لكن داعش التي سيطرت علي بقعة جغرافية في سورياوالعراق مكنتها من مسح خطوط الحدود بين البلدين فضلا عن الجرائم غير الانسانية التي ارتكبتها - لم تستفز واشنطن. ولم يحرك الإعلان عن تواجد داعش في العراق في يناير الماضي ثم الحملة الشرسة التي قام بها مسلحوها زحفا الي بغداد في يونيو الماضي - ساكنا لدي واشنطن التي اكتفت بإرسال فرق من الخبراء العسكريين واحدا تلو الآخر لفهم ما يحدث واعتبر مسئولوها ان ما يحدث «ثورة سنية ضد نظام شيعي».. لكن ما ان كادت داعش تقترب من أربيل عاصمة كردستان حتي قامت واشنطن بشن ضرباتها الجوية «التأديبية» علي مواقعها باعتبارها قد خرجت عن الإطار المفهوم لدورها وهو»العمل داخل العراق». وبهذا الفهم فإن الولاياتالمتحدة قد تكون اعتبرت داعش «طرفا اقليميا» يقوم بدور سياسي سواء في سوريااوالعراق لن يهدد المصالح الأمريكية بل يعمل علي إعادة ضبط توازنات القوي في المنطقة وأوزان النظم السياسية فيها.. ومن ثم فلا مانع لدي الإدارة الأمريكية من التغاضي عنه الي ان يثبت ان لديه «أغراضا عدائية لأمريكا».. وحتي ذلك الوقت فهو «عدو صديق».