محمود: نجوت بأعجوبة من قذيفة طائشة.. مصطفي: فشلت في الهرب عبر تونس فعدت للسلوم حسن: إتاوة ألف دينار عن كل جواز سفر.. بدوي: تحويشة العمر ضاعت في الطريق ما بين شاب ترك كل ما يملك حتي أوراق إثبات شخصيته.. - وآخر طاف الحدود المصرية التونسية بحثا عن منفذ للهروب والعودة الي الوطن.. قصص وحكايات رواها العائدون من ليبيا ممن نجحوا في الوصول لمنفذ السلوم بعد رحلة وصفوها بأنها "رحلة الموت"،. "الأخبار" رصدت معاناتهم التي دامت لأيام قبل أن يتنفسوا الصعداء بعد أن اطمأنوا أنهم عادوا إلي وطنهم مرة أخري. يقف بدوي إبراهيم، 32 سنة، منهمكا في حزم أمتعته علي ظهر السيارة الأجرة التي جاءت من صعيد مصر وبالتحديد من محافظة المنيا، لتعيده مرة أخري بعدما رأي الموت مرات بعينه – بحسب تعبيره، قائلا:" الحمد لله إني رجعت سليما لبلدي مرة أخري، فالأوضاع هناك لا يمكن أن يصدقها عقل.. ليبيا تحولت إلي ما يشبه البركان". ويشير إلي أنه كان يعمل في العاصمة الليبية طرابلس حداد مسلح منذ عام 2002، بعدما اضطر الي السفر بحثا عن لقمة العيش، لافتا الي أن الأوضاع كانت جيدة للغاية ولكنها تحولت بعد اندلاع الثورة الليبية وانتشار السلاح وتفرق أهل البلد الي شيع وقبائل يريد كل منهم أن يستحوذ علي مقاليد الحكم. ويضيف:" بعد تطور الأحداث الأخيرة هناك فقدت الحكومة السيطرة علي كل شيء.. فلا تعلم من أين ستأتيك الرصاصة.. الكل خائف ولا مفر سوي بالمجازفة والعودة الي مصر في رحلة غير مأمونة". ويتابع الشاب الذي بدا وجهه شاحبا من عناء السفر وهول ما رأي قائلا:" بعدما قررنا الهروب من نيران المعارك واجهتنا صعابا لم يكن يخطر ببالنا أننا سنتعرض لها يوما، فما بين دليل طريق يبحث عن المال وأكمنة لجباية الإتاوة ضاعت تحويشة العمر". بينما يري رفيقه عبد الله جمال أحمد صاحب ال 25 ربيعا، أن البحث عن لقمة العيش هو ما دفعهم الي السفر خارج مصر، موضحا أنه لو وجد عملا في مصر لما قرر السفر للخارج للإنفاق علي أسرته التي تقطن بمحافظة أسيوط. ويطالب " جمال" الدولة بالنظر الي محافظات الصعيد التي أصبحت طاردة لأبنائها لعدم وجود فرص عمل هناك تستطيع استيعاب طاقات الشباب التي تلقي بنفسها في التهلكة بحثا عن فرصة عمل. قرر جمال ألا يترك مصر حتي ولو عمل فيها بدون أجر قائلا:" أنا عندي أشتغل في بلدي بدون أجر ولا أسافر مرة أخري وأري ما شاهدته في ليبيا". أما محمود حمادة عبد الرحيم (19 سنة)، فمأساته كانت أكبر، حيث فوجئ بسقوط قذيفة فوق العقار الذي كان يقطنه ونجا بأعجوبة ولم يدر بنفسه إلا وهو في الطريق عائدا الي مصر تاركا وراءه كل متعلقاته حتي تأشيرة الدخول. ويوضح أنه وجد صعوبة بالغة خلال مروره من الأكمنة والمعابر الليبية حتي وصل الي المعبر المصري ليبدأ فصلا جديدا من المعاناة حيث تم احتجازه قرابة 9 أيام لأنه لا يحمل أي أوراق تثبت هويته، إلا أن الأحوال المدنية في محافظته أرسلت فاكسا يثبت مصريته وأنه ليس مطلوبا في أية قضايا. أما محمد عوض، 35 سنة، فلم يجد ما يقوله سوي أنه هرب من الجحيم، فالصواريخ والمدافع لا تفرق بين أحد هناك، مبينا أنه اضطر الي السفر للعمل باليومية لأنه يعول 5 أولاد ولم يجد عملا في محافظته " الفيوم" لكنه لم يدري أنه سيعود بهذه الطريقة. في حين تحدث زميله حسن شعبان (29 سنة)، عن نوع جديد من النصب يمارسه بعض اللصوص في دولة ليبيا حيث يتم توقيف الفارين من الحرب والحصول علي جوازات السفر، ويقومون بفرض 1000 دينار إتاوة مقابل استعادتها مرة أخري. قصة أخري ومأساة جديدة يرويها طارق محمود عبد اللطيف، الذي افترش الرصيف بين أكوام الشنط بينما يجلس حوله شقيقه وأبناء عمه الذين كانوا برفقته. يقول إنه يعمل منذ 5 سنوات في مدينه طرابلس معه شقيقه الصغير وأبناء عمه الثلاثة"، لكن الأيام الأخيرة التي عاشها هناك كانت الأصعب في حياته، حيث كانت أصوات المدافع لا تهدأ ليلا ولا نهارا.. ويشير الي أنهم قرروا الهروب من ذلك الجحيم عبر طريق ملئ بالمخاطر حيث استغرقت الرحلة نحو ثلاثة أيام بين الأكمنة وأصوات المدافع. ويضيف: علي الرغم من أننا نحمل تأشيرات دخول ولدينا إقامة هناك الإ أن إجراءات الخروج كانت غاية في الصعوبة من الجانبين المصري والليبي، لافتا الي وجود آلاف الشباب العالقين هناك بعد أن فقدوا جوازات السفر خلال رحلة العودة. أما مصطفي أحمد ( 35 سنة)، فكان صاحب الرحلة الأطول بين رفاقه في الطريق فبعدما تصاعدت الأحداث قرر الهروب ومعه الآلاف من الشباب عبر المعبر التونسي، وبعدما تواردت أنباء ان السلطات المصرية أرسلت طائرات لإجلاء رعاياها من الدولة الليبية. ويقول:" بعدما وصلت الي المعبر وجدت الوضع صعبا للغاية فآلاف العالقين في ثاني أيام العيد لم يستطعوا دخول الدولة التونسية وأصبحت الأبواب مغلقة أمامنا بينما لهيب النيران يندلع خلفنا"، مشيرا الي أنه وقعت عدة مناوشات بين الشباب الفارين والسلطات الليبية والتونسية بعد رفضهم دخول البلاد". ويتابع:" قررت المخاطرة بنفسي والعودة بعدما فقدت الأمل في دخول تونس وأن أعود في رحلة بلغت 1900 كيلو للوصول إلي معبر السلوم أملا في أن يحن علي أبناء وطني وأدخل بلدي وأنا علي قيد الحياة". ويطالب " أحمد" السلطات المصرية باتخاذ إجراءات سريعة لنقل المصريين العالقين هناك حيث إن الطائرات المرسلة لا تكفي لنقل كل الأعداد المتواجدة عبر المعابر، لأن الأولوية تكون لإجلاء الأسر فقط في حين ينتظر الشباب بين نيران القتال وإجراءات دخول تونس. وانتقد أداء الخارجية المصرية مع الأزمة مشيرا الي أن الأوضاع صعبة للغاية وتحتاج الي قرارات فورية وحازمة لإنهاء أزمة المصريين حتي يعودوا الي ديارهم سالمين.