عندما أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوته إلي كل مصري للمساهمة في صندوق «تحيا مصر»،لم يكن الهدف فرض ضريبة جديدة بلا قانون،ولم تكن قرارا يلزم أي مصري أو أي مؤسسة باخراج مليم واحد بالاجبار،كما لم تكن دعوته جباية أو أداة لدي البعض للتودد إلي السلطة،فيقترب أو يبتعد عنها بحسب قيمة المبلغ الذي يخرج من هذا أو ذاك،فقيمة الدعوة في معناها،فالأهم من كل مبلغ سيجمعه الصندوق،هي المشاعر الوطنية وتلك الرسائل والقيم التي ستسكن قلب المواطن،وتقدم درسا عمليا في حب الوطن للأجيال الجديدة ! ويبقي ما أزعجني.... لا يوجد ما يمنع أي شخص أو مؤسسة من التبرع والمساهمة ل «تحيا مصر»، ولكن من غير المفهوم أن يتم التبرع بمال عام لصندوق مال عام، وكنت قد احتفظت بقصاصة احدي الصحف تحمل واقعتين متناقضتين، الأولي أن مجلس جامعة القاهرة قد تبرع من «المال العام» بمبلغ عشرين مليون جنيه لصندوق «مال عام هو» تحيا مصر،والواقعة الثانية موافقة نفس المجلس علي قبول هبات وتبرعات بعضها من شركات للتليفون المحمول لدعم ومساندة مرافق الجامعة الضرورية لمواصلة دورها البحثي والتعليمي ! تعجبت من تلك المفارقة باعتبار أن المال العام «أستك منه فيه» وسألت من توسمت أن أجد لديه الاجابة،فقال لي إن الجامعة قد توفر لها فائض من نشاط الوحدات ذات الطبيعة الخاصة وأرباح صندوق التعليم المفتوح،ورأت أنه بدلا من إعادة هذه الأموال»العامة «إلي الخزانة «العامة»،يمكنها التبرع بالمبلغ للصندوق «العام»، ولا أريد الدخول في توصيف ما حدث، وأترك ذلك لعقولكم التي احترمها كثيرا ،وأعتقد أنكم ستصلون لنفس النتيجة التي توصلت إليها! يبقي رجاء بسيط من المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء،باصدار قواعد عامة لتبرع المؤسسات العامة وكل من في حكمها لصندوق»تحيا مصر»،فليس من المعقول أن تتبرع جهة عامة بالأموال العامة لصندوق كل أمواله في حكم المال العام! ! ويبقي ما أعجبني.... وما أعجبني باختصار هوحسن ظني في ايجابية الشعب المصري،فقد قلت الثلاثاء الماضي لكل رجل أعمال وكل صاحب تجارة:»لا تعتذروا.. لا تتكاسلوا.. لا تتخلفوا.. فمن ورائكم شعب تعلم كيف يكون ايجابيا.. وسأبدأ بنفسي.. فلن أشتري أو أتعامل مع أي شيء يرتبط بهؤلاء المتهربين من مهمة انقاذ الوطن»..وبالفعل ظهرت هذه الايجابية سريعا وبدأعدد من الناشطين الشباب وبعض منظمات المجتمع المدني،في تدشين ما سموه ب«القائمة السوداء لرجال الأعمال» الذين لم يتبرعوا لصندوق «تحيا مصر»،من أجل حث الجميع علي مساعدة مصر في العبور من أزمتها الاقتصادية، باعتبار ذلك ضريبة المجهود الوطني علي كل مقتدر كان الشعب هو مصدر نعمته ! كلمة في نفسي: عندما تغيب النجوم في سمائك فاصنعها نجمة نجمة،ولا تحاول أبدا أن تستوردها لأنها ستبقي دائما نجوما تنير سماء الآخرين فقط حتي لو كانت فوق رأسك!