شر البلية مايضحك.. ففي ظل أزمات الوقود التي تحاول الحكومة السيطرة عليها بالاستيراد والضغط لجلب استثمارات بترولية جديدة واللجوء للدول العربية لتوفير الوقود للقضاء علي أزماته والتي ظهرت بقوة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي إلا أنه ظهرت مفارقة غريبة أكدها تقرير أصدرته هيئة البترول أمس حول موقف استهلاك البنزين 95 والذي أكد وجود تراجع ملحوظ وحاد في معدلات استهلاكه في السوق المحلي ودللت الهيئة في محاولة للترويج لبنزين 95 أنه وقود ذو جودة عالية يلبي تصميم محركات السيارات التي تتطلب وقوداً بدرجة أوكتين مرتفعة، حيث إن استهلاكه سجل في عام 2012 - 2013 حوالي 26 ألف طن مقابل 43 ألف طن في عام 2011 - 2012 بانخفاض نسبته 39.5٪ واستمر في منحني الانخفاض الحاد ليسجل في الشهور التسعة الأولي من عام 2013-2014 حوالي 5 آلاف طن فقط. مزايا عديدة ذكرتها هيئة البترول لتدعو المواطنين لإستخدام بنزين 95 وكأنها تدلل علي سلعة راكدة رغم الشكوي المتكررة من نقص الوقود.. الخبراء أجمعوا أن هناك سياسة خاطئة في رفع أسعار المواد البترولية بزيادة سعر بنزين 95 إلي 575 قرشا مما جعل المستخدمين يلجأون لفئات أقل سعرا من البنزين مما زاد الطلب عليها وتراجع استخدام 95 وقد أكد د. محمد سعد الدين خبير البترول والطاقة أنه من المفترض عند معالجة منظومة المواد البترولية وضع بدائل تضمن عدم الجور علي سلعة دون الأخري ولابد من إتخاذ قرار متكامل يشمل مختلف أنواع الوقود حتي لا يتأثر منتج دون الآخر. أما الخطأ الأكبر فهو رفع السعر دون تطبيق منظومة الكروت الذكية والتي تضمن وصول الدعم للمسجلين في الكروت . وقال سعد الدين إنه آن الآوان للتعامل بشفافية وحزم مع ملف الدعم فالقرارات القوية تخلق اقتصاداً قويا لكن التردد يؤدي لخلق سوق سوداء ويشجع التهريب . مطالبا بضرورة وجود طريقة تضمن الرقابة علي السيارات المارة في الأراضي المصرية (تريبتك) وسيارات نقل البضائع للدول الأخري لأنهم يستهلكون وقوداً مدعوما من حصة المصريين الغلابة وأضاف د.جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية أن سياسة التكرير في مصر تعتمد علي خامات قليلة الكفاءة مما ينتج عنه مشتقات خفيفة تتطلب معالجة بمواد مكلفة حيث إن البنزين يستخرج من المعامل بدرجة 60- 65. فمصر الدولة الوحيدة التي تعمل خارج جدول أسعار الوقود كما أننا الوحيدون في العالم نستخدم بنزين 80 ! وقال القليوبي إن قرارات تسعير الوقود يجب أن تتم بعناية ووفق حوار مجتمعي وضمن حزمة مشتركة حتي لا يتأثر الطلب ونخلق أزمات. فبنزين 95 الذي يباع هنا ب 575 يباع في غزة بسعر 4 دولار ونصف ! مما يخلق فرصا للتهريب وخلل في منظومة الوقود لدينا. وقال إن رفع سعر 95 هو بداية لرفع الدعم جزئيا لكن يجب مراجعة أسعار الوقود الأخري. مطالبا بضرورة رفع أسعار الوقود من 10% - 15% لضبط منظومة الدعم .