لم أكن أدري قيمة الزي العسكري لمن يرتديه.. لم أشعر يوماً بأنه يصبح أحياناً جزءاً من شخصية صاحبه.. اعلم جيداً شرف ارتدائه، الا انني لم أدرك مدي الالم الذي يشعر به الرجل عندما يخلع بذلته العسكرية رغماً عنه بالاحالة للتقاعد أو بقرار منه مثلما فعل المشير عبد الفتاح السيسي. كنت علي موعد مع كلمته للشعب، عندما أعلن اعتزامه الترشح لرئاسة الجمورية.. هالني ما شعرت به.. قرأت في كلمته ألما وقوة.. حبا وواجباً.. ثقة وتواضعاً، اما حديثه عن بذلته العسكرية التي ارتداها عندما كان صبيا لم يبلغ الا خمسة عشر عاماً.. وهو سن يشعر فيه الصغير بعظمة ارتداء بدلة عسكرية.؛ منذ كان في الخامسة عشر من عمره، أي ما يزيد علي أربعين عاماً يرتدي هذه البدلة أو ما شابهها.. هي في النهاية بدلة عسكرية.. التصقت به والتصق بها، حتي أنني كنت استغرب ملامحه عندما يرتدي البدلة العادية.؛ تكلم المشير علي ارتداء البدلة العسكرية وشرف الدفاع عن الوطن، وقال أنه يخلعها أيضاً من أجل الوطن.. الجملتان لم تستغرقا دقيقة، الا انهما في الحقيقة عمرهما اكثر من خمسة وأربعين عاماً شعرت بأن امام عيني المشير السنوات الكثيرة التي التصقت به البدلة فأصبحا واحداً.. شعرت بحزن حاول ألا يظهره عندما قال: ان هذه آخر مرة تروني ارتدي الزي العسكري.؛ ما أشرف ان يرتدي الرجل زيا يعشقه فلا يفارقه الا من أجل ما هو اشرف منه.. إنه شعبه الذي اختاره قبل ان يقرر هو.؛ أذكر جيداً في إحدي كلماته لجنوده وللشعب المصري أيضا عندما قال: ان شرف الدفاع عن مصر والمصريين أعظم عنده من الحكم.. ساعتها شعرت بفخره ببذلته العسكرية، وانتمائه لرجال يدافعون عن الوطن، ولا ينظرون الي كرسي الحكم. هذا اللعين الذي يسيل من اجله البعض دماء المصريين.؛ أتخيل المشير السيسي يلملم «بدلة» العسكرية ويضعها في مكان غال عنده.. اتخيله ممسكا بكل واحدة وشريط ذكريات عمره أكثر من أربعين عاماً يمر امام عينيه التي باتت تحرس في سبيل الله. فإليه وإلي كل شباب ورجال مصر الذين يرتدون البدلة العسكرية أقول: إن شرف ارتدائها هو عزة للمصريين.؛