كان يستقل الترام ويجلس بجواره أحد القرويين الذي يبدو عليه علامات السذاجه، فبادر رمضان النصاب وأعطاه سيجارة وعرف منه أنه جاء ليستثمر بعض المال.. عرض عليه النصاب بعض المشاريع ولكنه رفضها، فأعطاه سيجارة أخري وأشعل لنفسه واحدة، وقفزت الفكرة إلي رأسه عندما أبدي القروي ملاحظته علي ازدحام الترام، فعرض عليه النصاب أن يشتريه ليدر عليه المال الكثير، لأنه المشروع المضمون، فابتهج القروي وتحمس للعرض.. طلب النصاب مبلغ 200 جنيه في الترام وبعد إلحاح من القروي الذي أخبره أنه ليس معه سوي 83 جنيها فقط، فعرض عليه النصاب أن يترك له 3 جنيهات ويأخذ منه 80 جنيها، ويبصم علي كمبيالة بمبلغ 120 جنيها. في ميدان العتبة انتظر القروي الترام كي يستلمه بمنتهي اللهفة، وما لبث أن أبصر رقم الترام المتفق علية قائلا: «أهه»، فبادر النصاب واتجه إلي الكمساري وترك القروي مع زميل له ليتولي مهمة إلهائه، وأعطي النصاب قرشا للكمساري وكانت التذكرة حينها بمبلغ 8 مليمات فقط، وطلب من الكمساري أن يحتفظ بالباقي نظير الاهتمام ببلدياته، وسينزل في آخر الخط. طلب النصاب من القروي أنه عند نهاية الخط عليه أن يذهب إلي المحصل لاستلام الإيراد كاملا، وعند النزول نادي النصاب بأعلي صوته علي الكمساري قائلا له: «خلي بالك» فرد عليه: «خلاص فهمت» فابتسم القروي فرحا وقال له النصاب بأعلي صوته أمام الكمساري: «تطالبه بكل الفلوس وإلا نلغي البيع»، وهز القروي رأسه موافقا ولم يفهم الكمساري شيئا. وعند نهاية الخط نادي الكمساري علي القروي لينزل، فطلب القروي منه الإيراد، فدهش الكمساري.. زادت دهشة الكمساري حين قال له القروي: «ألم يقل أمامك تطالبه بكل الفلوس وإلا نلغي البيع»، وسأل الكمساري: «أي بيع؟! رد القروي.. وقد خرج عن شعوره: «أنت هتنصب عليا» . تذكرني هذه القصة بطيبتنا نحن المصريين التي استغلها الاخوان وباعوا لنا مشروع النهضة الوهمي.