الجامعات هي عقل المجتمع الذي يحفظ ماضيه وحاضره ومستقبله. ففضلاً عن الثروة البشرية المكونة من الباحثين والأساتذة توجد المكتبات والمعامل والمستشفيات. والمكتبات تضم مؤلفات بعضها نادر وبعضها ذو قيمة إستراتيجية وتاريخية. فضلاً عن الأبحاث ووسائل الدكتوراه التي تستشرف المستقبل . ومن الواضح أن الجامعات كانت دائماً محل احترام العقلاء من الساسة ومن الشعب، كما كانت دائماً تتقدم المجتمع وتقوده إلي مستقبل أفضل بفضل جهود الباحثين والعلماء. ومن يستهدف الجامعات اليوم يعرف قيمتها ويصر علي قطع الطريق إلي التقدم بأسلوب جديد، بعد أن فشل في قطع الطريق عن طريق التمكين والاستحواذ علي السلطة واحتلال مؤسساتها. لاشك أن الحرس الجامعي أثناء تواجده بالجامعات أساء استخدام سلطاته من حيث التدخل في تعيين القيادات والمعيدين ، كما بالغ في فرض تكاليف باهظة علي ميزانية الجامعة، وأرهق الأساتذة والطلبة بإجراءات غير قانونية تعوق حرية الحركة الفكرية. وعندما عرض أمر إلغاء الحرس الجامعي علي مجلس الدولة أصدر حكماً بإلغاء الحرس الجامعي لمجموعة من الأسباب أهمها أن استقلال الجامعات المنصوص عليه في الدستور يعني عدم تواجد قوات نظامية بصفة دائمة في الجامعات لأن هذا يتعارض مع حرية الفكر التي يقوم عليها البحث العلمي. كما أستند إلي بعض مقررات اليونسكو في مفهوم استقلال الجامعات، بالإضافة إلي ذلك استند حكم مجلس الدولة أولي نص المادة 317 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات التي تقول: "تنشأ بكل جامعة وحدة للأمن الجامعي تحدد مهامها في حماية المنشآت الجامعية وأمنها، وتتبع رئيس الجامعة مباشرة وتتلقي منه أو من ينيبه التعليمات اللازمة لأداء هذا المهام ويكون لأفرادها زي خاص يحمل شعار الجامعة. " ويصدر بتنظيم هذه الوحدات وطريقة تشكيلها وتحديد الاعتمادات المالية التي يطلب إدراجها بموافقة الجامعة قرار من رئيس المجلس الأعلي للجامعات" وبصرف النظر عن أن هذا نص لائحة تنفيذية ، يمكن تعديله بلائحة من وزير التعليم العالي أو بقانون إذا تطلبت الظروف ذلك، فمن الواضح أنه نص يواجه أمن منشآت الجامعة، ولا يتكلم عن أمن الأفراد من أساتذة وطلبة وعاملين كما أن هذا النص يواجه الظروف العادية ولا يواجه الأخطار الاستثنائية، فمن الواضح أنه ثبت فشل الجامعات في تدبير أمن معقول واستغلت الجماعة الإرهابية نقاط الضعف لتستهدف الأفراد وأوراق الامتحانات والمستندات بل اقتحمت المجلس الأعلي للجامعات. وإزاء هذا الوضع الجديد في ظروف الحرب علي الإرهاب يتعين البحث عن حلول جديدة لا تخالف الدستور أو الأعراف الدولية ولو استدعي الأمر إصدار قانون أو تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات. من البديهي أنه إذا تهدد أمن الجامعة ووجودها فلا وجود لاستقلالها. لذا فإننا نقترح إصدار قانون يعمل علي توفير تعاون بين وزارة الداخلية ووزارة التعليم العالي لوضع خطة جديدة لتأمين الجامعات. يكون مضمون هذا القانون أن تضع وزارة الداخلية خطة لتأمين جميع الجامعات وتشرف علي تنفيذها من خلال مكتب وزير التعليم العالي. وتشمل الخطة تأمين الأسوار والبوابات ووضع الكاميرات وانتشار أفراد الأمن وأماكن تواجدهم ولا تكلف الجامعات بأي نفقات مقابل وضع الخطة والإشراف عليها. تقوم الجامعات علي نفقتها بموافقة المجلس الأعلي للجامعات بتنفيذ خطة التأمين وتستعين بشركات خاصة لتنفيذ الخطة سواء من حيث الأجهزة أم من حيث أفراد الأمن. يتم التنسيق بين وزارة الداخلية ووزارة التعليم العالي من خلال مكتب أمن الجامعات يلحق بمكتب وزير التعليم العالي. بهذا نوفر الأمن للجامعات دون المساس باستغلالها.