الكاتب و الشاعر-أحمد عبدالمعطى حجازى اختص الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي »الأخبار« بأخر إبداعاته الشعرية فكانت هذه القصيدة كانوا يريدون اغتيال الشمس بالمسدسات ليوقفوا العالم عند البارحة عندئذ يداهمون عصرنا بالأسلحة ويفتشون عن اليوم الذي انتهي ومات أتوا.. ولا نعلم من أين أتوا أتوا من الموت وقد طالت لحاهم ونسوا اسماءهم فيه نسوا وجوههم في المقبرة وأقبلوا يحملقون في نهار الأمس لا يرون غير ليلهم. يطاردون فيه ما يفر من أشباحهم ويصرخون صرخات منكرة كانوا يغطون بليلهم سماءنا وكانوا ينسجون من خيوط العنكبوت سماءهم ويسرحون باللحي السوداء تحتها كأنهم زواحف آتية من سالف الدهر وكانوا يقذفون في الحقول نارهم وفي المقاهي وفي البيوت إخوان من؟!.. أولئك الذين جاءوا يدعون أنهم إخواننا إخوان من؟! وهل تري أخ ويغتال أخاه؟! هل أخ وطاغية؟! إخوان من؟!.. لا إنهم أسراب غربان وقطعان وحوش ضارية قالوا لوردة الربيع.. لا تفوحي لليمامات التي علي الغصون.. لا تفوحي ولنجمة العشية تلفعي بالغيم أو فاحتجبي وأسكتوا الصبية قالوا لها: لا تكملي الأغنية قالوا لنا: لا تعبدوا الله كما ترونه بل اعبدوه مثلما نراه نحن إننا حجابه وبابه.. نوابه في أرضه رعاتكم وأنتم الرعية. كانوا يريدون لهذه المدينة الجميلة أن تكره الحياة.. أن تبكي ولا تفرح أنت تلوذ بالصمت وترضي بالسكوت كانوا يريدون لمصر أن تموت مصر التي روضت الموت فصار في يديها فرسا مجنحا سفينة.. ناشرة شراعها الأبيض بين خضرة وزرقة تبحر بالموتي من الظل الي الشمس ليحيوا من جديد مصر التي حولت القبر الي قصر مشيد يريد منها هؤلاء أن تخاصم الحياة أن تبيع للغزاة أطفالها أن تتواري في الحجاب والنقاب أن تلوذ بالصحاري أن تغيب في بطونها السحيقة تصير فيها قرية بائدة تموت فيها الأزمنة ويستوي علي عروشها الملوك الكهنة الهمج التتار قالوا للصغار عودوا الي بطون أمهاتهم قبل نهاية النهار فإنها نهاية الخليقة أواه.. يا مدينتي.. يا قاهرة لو أفرخت في ليلك المؤامرة أين تبيت الأغنيات الساهرات أين تهاجر الليالي المقمرة أين يغني الشعراء للحب والاخاء والعدل والحقيقة أقول لا.. للهمج التتار لا لن تطفئوا شمسا علينا أبدا ولن تهزوا جبلا ولن تسكتوا يمامة ولن تردوا للورود عطرها إذا فشي في أمسيات صيفنا واشتعل.. لن تحبسوا قلبا ولن تطاردوا علي الشفاة القبل ولن تكون مصر أيها الظلاميون دولة لكم.. ولن تكون منزلا.