الأزهر الشريف جامعة ومشيخة يتعرض الآن لهجمة تترية بموجاتها المعروفة بالهمجية والوحشية، ولا يكاد امرؤ عاقل أن يتصور هؤلاء الذين يقومون بهذا العمل الإجرامي الدنيء من المصريين أو يمتون إليهم بصلة، هؤلاء هم خوارج هذا العصر ومراقه، ومن يمدونهم بالمال والعتاد والأفكار هم أشد منهم غيا وأحط أخلاقا. وإن ما جري في الأيام الماضية من اعتداء وتخريب وحرق المباني وأروقة جامعة الأزهر وما وازاها من أعمال أكثر انحطاطا وسفالة من محاولة اقتحام المشيخة الأزهرية، رمز المسلمين في العالم أجمع وتاج عزهم ومعني كرامتهم، انما يدل علي أن التنظيم الدولي للإخوان الآبقين المارقين قد انفلت عقاله وجن جنونه، وأصبح وبالا علي الإسلام بل علي سلام البشرية كلها. إن الدلالة الواضحة لما تقوم بها عصابة الشر والبغي والعدوان هذه يستهدف في المقام الأول الاطاحة بقيم المصريين التي جبلت علي حب الأزهر والالتفاف حول تعاليمه وارشاده لهم عبر مئات السنين، بما يبعث فيهم من طمأنينة لهويتهم الروحية التي تحمل روح السماحة والوسطية والعدل، فالأزهر هو ملاذ كل مظلوم ومهوي كل حائر، يعيش في ضمائرهم ووجدانهم نسمات من الإيمان والحرية معاً. لقد كان هو المعقل الذي منه خرجت القوة القاهرة لصد أي مستعمر غشوم يريد الاعتداء والنيل من الوطن كله، وكانت منابره معتلي كل وطني حين يشتد البأس ويحمي الوطيس، فلم تستطع حيل الفرنسيين ومدافعهم أو غيرهم من النيل منه بأي حال، أما الذين يريدون تخريبه اليوم بعد أن أصبح قلعة راسخة ومنارة غير مسبوقة في تاريخ البشرية بغربها وشرقها، انما هم شرذمة وجب التصدي لهم، ليس من جهة رسمية بعينها، انما آن الأوان ليخرج شعب مصر عن بكرة أبيه للدفاع عن أزهره العتيق، رمز حريته وكرامته وهويته. لماذا تصمتون أيها الرجال علي هؤلاء الأوباش الذين لا يريدون لمصر أمناً أو قراراً، وهم مأجورون، يريدهم التنظيم الدولي الفاجر لحساب قوي أجنبية لا ترضي أن تنهض مصر أو تقوم من كبوتها، ويبغون الفساد في الأرض، وإن امتداد أيديهم إلي ساحات العلم الشريفة في الأزهر ليعد تطورا خطيرا يحتاج منا جميعا إلي وقفة مع النفس، فإنهم ان سبوا شيخه الجليل فقد سبوا رمز إسلامنا وحنيفيته التي نفخر بها علي مر العصور، وإن خربوا أروقة الدرس وأبنية الصرح العتيق فإنهم يخربون الوطن ويضربون بنيان الدولة وهيبتها من الأساس والقواعد. لقد آن أوان الحسم مثلما فعل الشعب مع الرئيس الإمعة الذي خدعنا جميعا وانصاع لأوامر المرشد الإخواني وزمرته من مكتب الإرشاد، ومن خلفهم ذلك التنظيم الدولي الذي يديره مرضي تلوثت قلوبهم بالكراهية والحقد لأوطانهم فأنكروها وكفروا أهلها وجعلوهم شيعا وهاهم يتآمرون اليوم علي حصن من حصون الإسلام، ويريدون أن يفرضوا علي بلد الأزهر دينا آخر لا نعرفه ولا يرتضي أهله أدني اهانة لهذا الأزهر الشامخ وعلمائه الكرام، فهل في مصر حكومة الآن لتعلم هذا كله وتتخذ خطوة هامة لضرب هذا التنظيم واعلان إرهابه علي الملأ دون خوف أو وجل، أم أن البرادعي ورجاله لا يزالون بيننا يثبطون عزائمنا ويمهدون لغزونا وانهيار معنوياتنا. أم أنني أنادي الأصل واستغيث به، الشعب الذي أتي بهذه الحكومة أن يهب هبة الثوار لحماية الأزهر من عبث الصبيان وتطهيره من بقايا المارقين الآبقين الأشرة الذين يلبسون مسوح الدين في منارة الدين ويريدون أن يطفئوها بالإرهاب والقتل والتخريب، إنما الشعب هو صاحب الكلمة الآن فيما جري وكيف يتم استئصال هؤلاء الإرهابيين من ساحات العلم ومحرابه، والذين استعانوا بالفجار والجهلة المطموس علي قلوبهم لابد وأن يلقنوا درسا قاسيا لئلا يجرؤ أحد من بعد ذلك علي الأزهر ورموزه، واني لأعيد دعوتي للشعب أن يهب صراحة لنجدة الأزهر ولا ينتظر الأيدي المرتعشة لتفعل ذلك.