أتمنى أن ىحكم العالم على موهبتى "لن أستسلم حتي أصبح يوكوزونا !" كانت هذه الكلمات المفعمة بالثقة والإيمان من أول مصارع سومو من قارة أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط "أوسونا أراشي". نقترب من الوجه الحقيقي للمصارع المصري الذي كافح حتي استطاع أن يتغلب علي الاختلاف العقائدي والمجتمعي في بلد أقل ما يقال عنه أنه مختلف تماماً عن وطنه الأم. عاصفة الصحراء "أوسونا أراشي كين تارو" أو محمد عبد الرحمن شعلان ، مصارع سومو، ولد في مدينة المنصورة عام 1992. بدأ تعلم السومو في سن ال 14، فاز ببطولة السومو علي مستوي مصر عام 2008. وفاز في بطولة العالم للناشئين التي عقدت في استونيا بالميداليتين الفضية والبرونزية في الفردي والميدالية الفضية علي مستوي الفرق. التحق بمقر التدريب "أوتاكي بيا" عام 2011، وكان أول ظهور علي الحلبة في مارس 2012. وحقق 18 فوزاً، وهزيمتين ، وتغيب عن مباراة واحدة وأنهي في شهر نوفمبر 2012 مرتبة ساندامي وترقي في عام 2012 إلي مرتبة ماكوشيتا . كيف بدأ اهتمامك برياضة السومو ولماذا؟ أوسونا أراشي: في البداية كنت أتردد علي صالة رياضية لكمال الأجسام وهناك تعرفت علي صديق مصري يلعب السومو بنادي اتحاد الشرطة الرياضي ونصحني بأن أمارس السومو خاصة وأنا اتمتع بجسمٍ قوي وسني صغير. وقتها لم أكن أعلم أي شيء عن السومو فسألته ما هي رياضة السومو ؟ فشرح لي أنها رياضة يابانية ولها شعبية كبيرة. وبداية لم أقتنع بممارسة رياضة تقوم فقط علي دفع الخصم، فأنا أريد أن أمارس رياضة تعتمد أكثر علي الفن والتكنيك وليس القوة فقط.علي كل حال طلب مني هذا الصديق أن أجرب فقط، فقلت لنفسي ولمَ لا فلن أخسر شيئاً. ذهبت معه في أول تدريب، ولفت انتباهي أجسام اللاعبين فالبعض منهم إما ضخم وبدون عضلات حقيقية أو نحيف بدرجة كبيرة، فقلت لنفسي إني سأهزمهم جميعاً بسهولة دون هدر نقطة عرق واحدة وذلك كان إحساسي للوهلة الأولي، ربما في تلك اللحظة شعر المدرب بما أفكر فيه فقام باختيار اقل اللاعبين وزناً لألعب معه مباراة، وكان وزن هذا اللاعب ما يقرب ال 75 كجم وكان وزني وقتها ما يقارب ال120 كجم، فقلت في قرارة نفسي إني سأهزمه بيد واحدة فقط ودون أي عناء، لكن العجيب في الموضوع أني نازلت ذلك اللاعب لكنه تغلب علي بعد ثانيتين فقط !! لم أصدق نفسي من هول المفاجأة وطلبت من المدرب أن ألعب مباره أخري لكني هُزمت مرة أخري، تحت إصراري علي اللعب لعبت مع ذلك اللاعب 5 مباريات خسرتهما جميعاً!! ثم التفت لي المدرب قائلاً »الآن تعلمت أن رياضة السومو لا تعتمد فقط علي القوة البدنية؟ فلنكتف بهذا القدر الآن وأنصحك بمشاهدة التدريب للنهاية حتي تتعرف علي رياضة السومو وكيفية ممارستها«. ما المصاعب التي واجهتك وأنت تسعي لتحقيق حلمك بأن تصبح مصارع سومو محترفاً؟ أوسونا أراشي: اولاً بعد شهر واحد من التدريب الشاق تمكنت من المشاركة في بطولة الجمهورية بمصر وحصلت فيها علي المركز الثاني، ثم شاركت في معسكر المنتخب المصري إستعداداً لبطولة العالم، وبفضل التدريب المتواصل ارتفع مستوايَ بطريقة ملحوظة. وفي العام التالي فزت ببطولة الجمهورية وحصلت علي المركز الأول وأعتقد أنها كانت الانطلاقة والظهور الأول لي، ثم شاركت في بطولة العالم التي أقيمت في إستونيا عام 2008 وحصلت فيها علي المركز الثالث وعلي مستوي الفرق حصلنا علي المركز الثاني خلف اليابان .لم أكن سعيداً بهذا الإنجاز أكثر من شعوري بالحسرة بسبب هزيمتنا من المنتخب الياباني علي الرغم من مستوانا العالي والقوة الجسدية التي كنا نتمتع بها، اعتقدت وقتها أن السبب يكمن في التدريب القوي والتكنيك الخاص للمنتخب الياباني. وعلي كل حال بدأت مرة أخري في البحث عن طريق الإنترنت عن كيفية دخول عالم سومو المحترفين، ثم وجدت بالمصادفة صفحة لمحبي رياضة السومو، فقمت بإعداد ملف التعريف الخاص بي وكتبت به اسمي، عمري، طولي ووزني وكتبت أني لاعب سومو مصري وأريد أن أدخل عالم الاحتراف ولكني قوبلت بسخرية لاذعة وتعليقات من قبيل »لا داعي لشخص مسلم أن يلعب السومو« وكان هذا أحد العوامل التي شجعتني أكثر علي الاستمرار حتي أثبت للجميع أن الإنسان ليس بدينه أبداً ولكن بقدراته وكان هذا علي العكس تماماً حافزاً قوياً بالنسبة لي لمواصلة النشاط لتحقيق حلمي بالذهاب لليابان. وفي أحد الأيام كتب رئيس الاتحاد الأوربي تعليقاً: »إذاً كنت حقاً جاداً يمكنني أن أساعدك، لكن يجب أن تعلم أن العلاقة بين الكبير والصغير صارمة جداً، فالصغير أو العضو الجديد يقوم علي خدمة الأقدم منه كما في الجيش تماماً، ليس هذا فقط أثناء المعيشة في مقر التدريب لا يوجد أي نوع من أنواع الخصوصية فالجميع يعيش في مكان واحد، وربما تقابلك بعض الصعاب الخاصة بالناحية الدينية« لكني أجبته بأني مستعد لمواجهة جميع الصعاب بكل أنواعها حتي أحقق حلمي وأصل لمرادي المنشود، فأنا أثق بالله ثم بقدراتي.و في عام 2009 شاركت في البطولة التي أقيمت في بلغاريا وحصلت علي الميدالية الذهبية تحت 18و21 سنة وعلي الميدالية البرونزية علي مستوي الكبار، وفي بطولة العالم التي أقيمت بهولندا عام 2010 حصلت أيضاً علي الميدلية البرونزية، لكن دائماً كانت تأتي الهزيمة من اليابانيين. أدركت وقتها أني مهما حاولت في التدريب وحدي فمن الصعب أن أصل لذلك المستوي لذا ألححت مرة أخري علي رئيس الاتحاد الأوربي »أريد أن أذهب لليابان في أسرع وقت«. وأخيراً وبعد طول انتظار جاء الرد أنه سوف يأتي لمصر حتي نضع النقاط علي الحروف ونتحدث في التفاصيل الخاصة بكيفية السفر، وبالفعل تقابلنا في مصر في 26 يناير2011، أي بعد يوم واحد من الثورة، وكانت الأوضاع وقتها كما يعلم الجميع غير آمنة علي الإطلاق. وبعد أن سافرت لليابان ما الذي حدث؟ أوسونا أراشي: لقد وصلت لليابان في سبتمبر 2011، كنت أعتقد أن ترتيبات دخولي مقر التدريب الخاص بالسومو منتهية، لكن في الواقع بدأت أرسل تعريفاً بنفسي لعدة مقرات للتدريب ربما يصل عددها ل7 أماكن، وشاركت في التدريبات حتي يستطيعوا الحكم علي وكانت عملية مرهقة للغاية، حيث تكررت عدة مرات، حتي ذهبت للمكان الأخير وهو المكان الحالي الذي أتدرب فيه »أوتاكي بيا« وعندما تم قبولي به شعرت بسعادة غامرة وبكيت من الفرحة فقد أحسست بأني اقتربت وأخيراً تمكنت من تحقيق حلم حياتي . ثم عدت لمصر حتي أبلغ عائلتي والذين دائماً ما وقفوا بجانبي وشجعوني وكان والداي يثقون بي وبقدراتي وكانا يقولان لي »ستصبح نجماً مشهوراً في المستقبل«. هل تشعر بالضغط كأول لاعب سومو من أصل عربي؟ أوسونا أراشي: بالطبع أشعر بضغط رهيب ومسئولية كبيرة ملقاة علي عاتقي كوني أول لاعب سومو من أصل عربي، لكن في نفس الوقت يساعدني هذا التميز كدافع قوي للنجاح. وأتمني أن يتعرف الناس في كل العالم علي السومو عن طريقي، وأريد أن أظهر الصورة الحقيقية للعرب من خلال السومو. بعد ظهورك الأول فزت في 18 مباراة وخسرت في 2 وتغيبت في واحدة أعتقد أنها نتائج مميزة للغاية لكن أريد أن أعرف شعورك الشخصي تجاه تلك النتائج؟ أوسونا أراشي: أنا دائماً وأبداً لا أفكر في عدد المباريات التي فزت بها بل ينصب تركيزي علي المباريات التي خسرتها وأسأل نفسي »لماذا خسرت«؟ حتي أضع يدي علي السبب حتي أتلافاه في المستقبل. هل تري أنه يمكنك الاستمرار في ممارسة هذه الرياضة؟ أوسونا أراشي: نعم سأستمر حتي أصبح »يوكوزونا«. لم أفكر أبداً في عدم الاستمرار لكني أحياناً كثيرة أشعر بالتعب والإرهاق. ما شعورك تجاه علاقة الكبير بالصغير داخل مقر التدريب؟ أوسونا أراشي: لقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي. لقد كنت أٌعامل كبطل في مصر لكن هنا أنا أخدم كل من هو أكبر أو أقدم مني كما لو كنت عبداً (ضاحكاً)، لكني سأصبر علي كل المصاعب لأحقق حلمي. كيف كان التدريب في أثناء شهر رمضان؟ أوسونا أراشي: عندما اقترب رمضان كنت في البطولة المقامة ب »ناجويا« (محافظة شمال اليابان) وتتميز تلك المحافظة بالرطوبة الشديدة حتي أني أحسست أني لم أقابل مثلها في حياتي وهو ما تسبب في إصابتي بالتهاب النسيج الخلوي وبحمّي شديدة للغاية وذهبت للمستشفي وأنا في حالة يرثي لها حيث ارتفعت درجة حرارتي لتقارب ال40 وأوشكت علي الهلاك، وأصر الأطباء علي إعطائي حقنة حتي أنجو من تلك الحمي، ولكني لم أكن مرتاحاً لتلك الفكرة فرفضتها تماماً وتحملت آلاماً شديدة خاصة أن قدمي قد تورمت بسبب الحميّ مما ضاعف من أوجاعي. علي كل حال عندما بدأت أتعافي قليلاً كان قد فاتني لعب أول مباراة، لكن أكثر ما آلمني عندما شاهدت المباراة علي شاشة التلفاز ونادوا علي اسمي وقالوا غير موجود، وقتها لم أتمالك نفسي وبكيت بحرقة، وأصررت أن ألعب باقي المباريات رغم نصيحة الأطباء لي بالراحة، لذلك طلبت منهم الاتصال بالمدرب وخرجت من المستشفي دون أن أستكمل العلاج لألحق ما تبقي من المباريات، وبالفعل فزت في جميع المباريات المتبقية بفضل الله، وبدأ رمضان في آخر ثلاثة أيام من البطولة، لكن لم يكن لذلك أي تأثير. بالنسبة للطعام الياباني هل واجهتك مشكلة في التعود عليه؟ أوسونا أراشي: لا يوجد بالنسبة لي أي مشكلة في تناول الوجبات اليابانية طالما لاتتعارض مع ديني، لذلك فمدربي أيضاً حريص علي ألا يعد لي وجبات تحتوي علي لحم الخنزير لأنه يتعارض تماماً مع كوني مسلماً، أما الناطو (فول صويا مخمر وله رائحة قوية علي الطريقة اليابانية) فمن المستحيل أن أقترب منه فمجرد رؤيته يصيبني الغثيان.
