سميرة عبدالعزيز وصابرين فى مسلسل »أم كلثوم« قدمت الدراما التليفزيونية وأيضا السينمائية العديد من السير الذاتية لشخصيات فنية وسياسية وأدبية.. بعضها حقق نجاحات كبيرة مازالت محفورة في أذهان المشاهدين.. وبعضها كانت أشبه ب »مرور الكرام« مجرد رقم في دفتر أحوال الدراما دون أن تترك بصمة.. وهذا يقودنا إلي طبيعة الشخصية التي يتم تناول سيرتها الذاتية، وهل أي شخصية تصلح لهذا التناول والطرح الدرامي أم أن هناك مواصفات وشروط خاصة يجب توافرها في الشخصية قبل تقديمها دراميا؟! والإجابة نقدمها لكل من يحاول خوض هذه النوعية من الدراما قبل عودتها من جديد للشاشة! في البداية أوضح المؤلف محمد السيد عيد الذي قدم عدداً كبيراً من أعمال السير الذاتية منها »قاسم أمين«، »رجل من هذا الزمان«، ان الشخصية التي يتم تناولها في مسلسل درامي ليخلد تاريخها يجب ان تتصف ببعض السمات منها ان تكون بمثابة قدوة للأجيال يتكلمون عنها وعن سيرتها وأفكارها، ويستفيدون من العصر الذي عاشت فيه، كما يجب ان يكون لهذه الشخصية ظلال تنعكس علي الواقع الذي نحياه، فيجب ألا يتم اختيار الشخصيات المقدمة بطريقة عشوائية، ولكن من أجل هدف يتماشي مع الواقع الذي نعيشه.. ويضيف، ان هناك أعمالا للسير الذاتية لا تهتم سوي بالإثارة دون اهتمام بالمغزي وهذا ما يضعف العمل. يقول المخرج ابراهيم الشوادي الذي قدم العام قبل الماضي مسلسل »الإمام الغزالي« بطولة محمد رياض، انه يجب ان تكون الشخصية المستخدمة في عمل درامي قد أحدثت شيئا ما في المجتمع جعلته يسير للأمام والأفضل، ولا يجب أبدا أن أقدم شخصية سلبية، لأن الدراما هي العنصر الأول الذي يشكل وجدان المشاهدين، ولهذا اعتبر ان العمل الفني هو رسالة وليس مجرد تسلية ويتحتم علينا ان نضع في اعتبارنا الهدف الذي يسعي العمل لتوصيله للمشاهدين.. وبهذه المناسبة أقوم حاليا بعمل كبير عن سيرة شعبية للملكة ذات الهمة تناقش أوضاع المرأة وتصحح نظرة الغرب نحوها! وتؤكد الفنانة صابرين أن من أهم الشروط الواجب توافرها في الشخصية المقدمة في عمل درامي ان تكون قد أثرت بالفعل في المجتمع الذي عاشت فيه، ولها من المواقف ما يحسب لها تاريخيا، وألا تكون أيضا شخصية عادية مثل آلاف الشخصيات، بل شخصية استثنائية أثرت في كل من حولها وهذا ما توفر في »أم كلثوم« ولهذا حقق العمل أعلي نسب مشاهدة لعدة عوامل منها الشخصية التي تناولها وهي أم كلثوم وطريقة تناول العمل الذي تم تحديده في أكثر من عامين وتم تحضيره في 7 سنوات. ويقول المخرج محمد فاضل: هناك معايير وأسس يجب اتباعها في اختيار السيرة الذاتية لفنان أو سياسي إلي جانب مراعاة الطريقة التي ستعرض من خلالها فالأعمال التسجيلية تتعرض لحياة الشخص بصورة أكثر تشابها مع الواقع وعلي عكس الأعمال الدرامية التي لابد ان تحمل رسالة ووجهة نظر وليس مجرد عرض للشخصية فعلي سبيل المثال فيلم »ناصر 65« لم يكن الهدف من تقديمه هو إظهار حياة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كفرد بقدر الرسالة الكامنة في مواجهة استحضار وإظهار إرادة الشعب وكذلك فيلم »كوكب الشرق« الذي ركز علي مرحلة معينة في حياة أم كلثوم تبرز معاني التضحية والجهود التي قدمتها من أجل الوطن. ويري المؤلف يسري الجندي ان ما يقدم من خلال الأعمال الدرامية التليفزيونية هو سيرة شخصية لأن السيرة الذاتية هي ما يكتبها صاحبها. أما اختيارها فيرجع في المقام الأول إلي وجهة نظر كاتبها في ابراز مميزات وعيوب فترة تاريخية معينة عاشتها هذه الشخصية فعند تقديمي لمسلسل »ناصر« كان هناك غرض لإظهار ثوابت وتقاليد معينة نستعيد معها التجربة الناصرية وهذا ما نراه الآن وهذا ما فعلته أيضا عند تقديم مسلسل »الطارق« فكانت هناك رسالة بأن لنا مرجعية إسلامية قوية اتسمت بالسماحة واحتضنت الأديان الأخري أثناء الحضارة الأندلسية ولهذا فإن أي شخصية يتم تقديمها في عمل درامي يجب تحرير الرسالة التي نريد توصيلها وليس مجرد تناول حياة هذه الشخصية.