عندما تحتدم النقاشات.. وتشتعل الصراعات.. ويزداد الصوت ارتفاعا.. ويعلو الغضب نبرات الحوار.. وتصل الأمور إلي حد التشابك بالأيدي بعد التراشق بالكلمات.. ويخرج الحديث عن طريقه.. يظهر العاقل المخضرم الخبير بشئون الحياة.. ويرفع يده طالباً نقطة نظام! بعدها تعود الأمور إلي نصابها.. خاصة إذا استجاب الجميع لصوت العقل. هذا بالضبط ما يحدث في مصر الآن.. الأطراف تتصارع.. المصالح الشخصية والفئوية الضيقة تعلو علي مصلحة الوطن.. وهذا يمثل بداية الانكسار. لم أتصور يوماً أن يحدث هذا بعد ثورة 52 يناير 1102 وما تلاها من تصحيح للمسار في 03 يونية 3102.. لم أتصور أن نعود إلي زمن تأليه الأشخاص علي حساب الوطن.. لقد ارتضينا الديمقراطية.. وهي تعني ببساطة أن يحكم الشعب نفسه بنفسه.. أن يختار بحرية من يمثله ومن يحكمه.. لم نعد في حاجة إلي جوقة إعلامية تزين للشعب أشخاصا بأعينهم.. لم نعد بحاجة إلي وصاية من أحد.. المصريون الآن قادرون علي التمييز بين الغث والثمين.. بين الحق والباطل.. بين الفلول.. والثوار.. المصريون لا يحتاجون وصاية من أحد.. لا من القوات المسلحة ولا من الشرطة.. ولا من التيارات السياسية المتصارعة ولا من الإعلام.. أو من يفرضه الإعلام علينا. مصر الآن في حاجة إلي نكران الذات من الفئات والتيارات.. مصر في حاجة إلي من ينظر إليها ويهتم بمطالبها.. مصر في حاجة لمن يأخذ بيدها إلي أعلي.. الدول.. مختلف الدول تتآمر عليها.. تنظيم الإخوان الدولي بما له من حيثيات في بعض الدول يسعي إلي ضربها في العمق.. إثارة القلاقل.. القيام بالأعمال التخريبية.. التضامن مع فلول تنظيم القاعدة للقيام بعمليات إرهابية مخططة تستهدف ترويع الناس.. وضرب أهداف حيوية مثل الكمائن ومديريات الأمن وأقسام الشرطة.. ووحدات القوات المسلحة.. ونحن نجلس في مكاتبنا نتصارع ونتشاجر من أجل من يرشح نفسه للرئاسة.. ومن يخوض الانتخابات البرلمانية.. الخ. لقد آلمني في الفترة الأخيرة ظهور تيارات تعمل لمصلحتها ولا أقول لمصلحة خارجية.. بينما أري أن المصريين جميعا يحتاجون إلي أن يضعوا أيديهم معاً.. لبناء مصر أولاً.. وأنا يعجبني شعار منتشر في وحدات القوات المسلحة.. يقول الشعار »مصر أولاً«.. »مصر دائماً«.. من هذا المنطلق لا داعي لأن نبحث عن رئيس.. ويزكي كل صاحب رأي رئيسا معينا.. ويفرضه علي الناس.. نحن انتهينا مع الثورة إلي حكم ديمقراطي.. لا حكم العبودية والديكتاتورية.. ورئيس مصر القادم يجب أن يكون من الشخصيات الشابة الجديدة.. صاحب فكر حديث ومتطور.. وأن يكون مدنيا.. وأن يحصل علي أعلي الأصوات. ان ما يفعله الإعلاميون بالفريق أول عبدالفتاح السيسي ليس في مصلحته ولا مصلحة مصر.. لقد أصبح السيسي بطلاً قومياً بدعمه شباب حركة تمرد.. ونجاح عملية إزاحة حكم الإخوان والتي قام بها الشعب المصري.. وما يحدث من مهاترات إخوانية في الشارع مآلها إلي مزبلة التاريخ.. لأنهم لم يحمدوا الله علي نعمة السلطة والحكم.. فافتروا وغرتهم أنفسهم ولم يفعلوا شيئا.. وأقصاهم الشعب.. وليعلم الجميع أن الحاكم زائل.. مهما طالت مدته أو قصرت.. لكن سيرته وإخلاصه في عمله باق.. ومذكور في التاريخ.. ومحمود من الله والشعب. وهناك مسئوليات عديدة في القوات المسلحة تحتاج إلي السيسي.. مطلوب منه التركيز علي مواجهة الإرهاب والإرهابيين في سيناء وفي كل مكان في مصر.. ومطلوب منه أن يقضي علي العمليات الإرهابية التي تروع الناس في كل مكان.. ومطلوب منه إعداد جيش مصر القوي.. وتسليحه بأحدث الأسلحة.. بالتعاون مع جميع الدول الغربية والشرقية.. لا نقف فقط علي التسليح الأمريكي الفاسد والمتخلف.. بل يجب أن يتم تنويع السلاح.. وإنتاجه محلياً.. وإعادة الترسانة المصرية. هي أذن مسئوليات جسام يجب أن يهتم بها القائد العام للقوات المسلحة.. ولا يبحث عن الترشح للرئاسة.. أو من يزين له هذا الترشيح!هي لقد انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من الشائعات يجب أن نحترم الشعب.. ونقول له الحقيقة الدامغة لأي شائعة.. الحقائق وحدها تضع الشعب في النور.. عدد من المواقع ربما التي تنتمي إلي الإخوان تقول إن الجيش تبني زعماء تمرد.. وأغدقوا عليهم بما لذ وطاب.. ومنهم من يقيم في فندق »الماسة« أفخم فنادق القوات المسلحة.. ولهم مرتبات وأجور شهرية.. وانتشرت الشائعات دون أن يهتم أحد بالرد والإيضاح.. رغم أن المتحدث يخرج بين الحين والآخر ليدلي بدلوه في أبسط الأمور.. وهذه الشائعة إن صحت فإنها تحيل ثورة 03 يونية إلي شيء آخر.. أنا شخصيا لا أرضاه ولا أقبله.. فقد كنت واحداً من الذين أيدوا »تمرد« من أجل الخلاص من حكم الإخوان.. ومن أجل حكم مدني يتيح للجميع الرأي والمشورة. وهناك شائعات تطول عدة وسائل إعلامية بأنها تتآمر لإعادة نظام حسني مبارك.. وأن الجيش لا يمانع في ذلك.. ولهذا انتشر مؤخراً في صفحات الصحف الخاصة وحتي الحكومية وعلي القنوات الفضائية الخاصة ظهور العديد من الكتاب والإعلاميين والمنتمين إلي الحزب الوطني »المنحل«.. وأصبحنا نجدهم بشكل منتظم علي صفحات الصحف والقنوات الفضائية.. بل إن الشائعات امتدت إلي أصحاب الصحف والقنوات الفضائية الذين تمتد جذورهم إلي الحزب الوطني المنحل.. وإلي نظام مبارك وهم مهندسو المرحلة الانتقالية! اتمني أن يخرج المتحدث باسم القوات المسلحة والرئاسة والحكومة ليقولوا لنا حقائق الأمور.. ويضعوا الشعب في الصورة الحقيقية الواضحة.. ولا يتركوا الشعب نهب الشائعات.. احترام الشعب من احترام الدولة ومن يحترم مصر.. تكرمه.. ويا بخت من تكرمه بلده.. لأنه يصبح الشخص الوحيد المرفوع فوق أعناق الجميع.. ومن يخلص لمصر.. تخلص له وتقدمه للعالم بأنه »الابن البار«.. ويا بخت من يبر والديه.. مصر تحتاج إلي أبنائها البررة والمخلصين لها.. وليس لهم ولاء لغيرها. أن مصر وهي تحمل كل هذه الهموم.. تواجهها تحديات خارجية تستحق أن تتحرك لمواجهتها كافة المؤسسات.. ومنها: الرد بحزم علي القرار الأمريكي بقطع المعونات عن مصر.. وسبق أن قلنا إن المصريين يستطيعون بمشروع »الجنيه« أن يردوا علي أمريكا.. أمريكا تضغط علي النظام الحالي في مصر.. وفي نفس الوقت يتصل وزير الدفاع الأمريكي بالفريق أول السيسي.. لكن ماذا دار في المحادثة.. سر لا يجب أن نعلمه!.. كل ما نعلمه ما تعلنه أمريكا وتصدم به الشعب.. ونحن لا حول ولا قوة.. المتحدث باسم الخارجية د. بدر عبدالعاطي يرد بطريقة دبلوماسية ليس فيها معلومة عن الموقف الذي ستتخذه الخارجية.. وبعد قرار الكونجرس بمنع المساعدات عن مصر يخرج وزير خارجية أمريكا جون كيري.. ليوضح أن القرار لا يعني قطع العلاقات بين مصر وأمريكا.. من يتحمل ذلك.. الرئاسة والحكومة لا حول لها ولا قوة في مواجهة القرار الأمريكي.. والشعب يواجه مصيره بنفسه.. هي بلاشك أوراق ضغط تستخدمها الدول ضد الأخري.. لكن من يصمد.. ومن يرد الصاع صاعين.. يستطيع أن يثبت وجوده.. ويستحق الحياة.. ونحن شعب نستحق الحياة لكن حكومتنا ترضي بالمهانة.. وترضي بالخنوع.. لهذا لابد من جرس إنذار.. وها أنا أدق الجرس! ولا يمكن أن نترك الموقف الخارجي دون الحديث عن مواقف بعض الدول.. مثل تونس وقطر.. وليبيا.. وغيرها.. فالدول العربية لم يعد لها كبير.. والجامعة العربية تم دفنها ولم يعد لها مكان.. ومن الأفضل أن نستخدم مبناها ضمن المتاحف والآثار.. التي نعود إليها لتذكرنا بأيام الخزي والعار. ماذا حدث لتونس.. بعد تصريحات رئيسها المنصف المرزوقي وزعيم الإخوان بها راشد الغنوشي.. هل انتهوا من بناء بلدهم حتي يتحدثوا عن مصر.. ويقدمون لها النصائح.. نحن في غني عن نصائحكم وأفكاركم.. استخدموها لتحسين أحوالكم المعيشية وتشغيل الشباب العاطل في تونس. أما قطر فإنها تتعاطف مع الإخوان.. وهذا رأيها.. لكن ما ارتضاه الشعب المصري يجب أن يحترم.. وأن يعتد به.. وأن أتعامل مع مصر الحضارة والتاريخ كما كانت هي شعلة العلم والتعليم.. المصريون بنوا قطر بشرياً.. وعمرانياً.. فلا يمكن أن يكون نكران الجميل بهذا الشكل.. وأن تكون ردود الفعل عنيفة لاختيار الشعب نظام حكم مختلفا.. إنني أنصح حكام قطر الجدد أن يتعاملوا مع مصر والمصريين بطريقة حضارية.. ولا ينسوا أننا أشقاء.. ارتضينا حكماً مدنياً غير حكم الإخوان فهذا خيار الشعب المصري.. أما التدخل في الشئون الداخلية لمصر.. فهذا مرفوض.. ومقفول علي أي دولة أخري. أما ليبيا فإنها مصدر خطر لاستمرار الصراعات فيها.. واستمرار تهريب السلاح والمخدرات منها إلي الأراضي المصرية.. ولقد نجحت قوات حرس الحدود في دفع الكثير من الأذي القادم عبر ليبيا والسودان.. لهذا يستحقون التحية والتقدير. وعندما نذكر الدول العربية فإنه يجب ألا ننسي أن الدول العربية الصديقة والشقيقة ليست السعودية والأردن التي زارهما الرئيس عدلي منصور فقط.. إنما جميع الدول العربية الأخري تستحق الزيارة.. وتستحق أن نضع معها خطط وبرامج تعاون اقتصادي يحمينا من سؤال اللئيم (واللئيم هنا الغرب وأمريكا) إن مصر بها خيرات عديدة يجب أن نستفيد منها.. وأن نتعاون مع من يساعدنا.. لقد تم الإعلان عن مشروع الطاقة النووية.. وهذا لا يرضي أمريكا وإسرائيل.. لهذا يحاولون عرقلة المشروع.. كما تم الإعلان عن استخدام الرمال السوداء المنتشرة في أرض مصر.. خاصة في كفر الشيخ.. ويجب علي نفس التفكير الاستفادة من الرمال البيضاء وغيرها في سيناء.. ان أرض مصر مليئة بالخيرات.. وبها الكثير من الخبرات العلمية.. التي يمكن أن تكون سنداً لنا في مشروعات عملاقة.. فقط نحتاج إلي حكومة تفكر وتخطط وتعمل.