لفت نظري مؤخرا شيوع مفهوم "جهاد النكاح" والذي شاع بدرجة كبيرة بعد اشتعال الحرب الداخلية بسورية وشيوع ممارسة جبهة النصرة "المسماة خطأ بالإسلامية" لهذا النوع من النكاح، ومع مخرجات جهاد النكاح يعلن وزير الداخلية التونسي أن عددا من الفتيات التونسيات عُدن إلي بلادهن حوامل وقد تعاقب عليهن في الممارسة الجنسية 123 مقاتلا وبالتالي هؤلاء الحوامل غير معروف آباء أجنتهن، وقد تكونت علي جهاد النكاح لديّ ملاحظات عدة: الملاحظة الأولي التحايل الجنسي باسم الله: بالنهاية جهاد النكاح إطار "مفهوم" صنعه العقل البشري، ولم أتساءل كثيرا علي مدي إسلامية مفهوم جهاد النكاح، ولكن بقانون تداعي المعاني تساءلت عن الفروق بين جهاد النكاح والعرفي والمسيار والمسفار، وربما ينجر معهم ذهنيا زواج المتعة ضمن تلك الزمرة من الحيل الجنسية التي تُمارس باسم الله ونسبةً إلي دينه، ولا أعتقد أن هناك فرقا يُذكر بين هذه الأنواع. الملاحظة الثانية خدمة ما بعد البيع: مهما اجتهد الفقهاء في إثبات شرعية جهاد النكاح أو غيره فإني أعتقد بتحليل الظروف التي يتم فيها نزول هذه المفاهيم موضع التطبيق يزيد اعتقادي بشكل كبير أن هذه المفاهيم ليست إلا تبريرات اقتصادية وسياسية تدعم مشروعات معينة في إطار مؤامرات أكبر بكثير من الأشخاص الذين يتمثلون هذه المفاهيم تطبيقا علي أرض الواقع، فجهاد النكاح هو خدمة ما بعد البيع لفكرة أن سورية أرض الجهاد، فهؤلاء المقاتلون يجب إغواؤهم بكل شيء يجعلهم مستمرين في المشروع المخطط، فمجرد تذكر المقاتلين لزوجاتهم وممارساتهم معهم يجعل عزائمهم تضعف، وبالتالي كل شيء يجب أن يصبح جهادا وملحقاته مكملات للجهاد، فمن يشتري سيارة لا يرتاح إلا بكماليتها، ومن أوصل هؤلاء المقاتلين إلي هناك بعد بيعهم فكرة الجهاد يعلم تماما أهمية خدمة ما بعد البيع، وأهمية الكماليات الغريزية التي يجب أن تتوافر لهؤلاء المقاتلين لكي يتم القضاء علي النظام السوري. الملاحظة الثالثة الظرف الموقفي للممارسة: ربما يكون من البدهي لمن يقرأ مقالتي أن يري تحليل ظروف ممارسة هذه المفاهيم لا تضيف جديدا يوضح شيئا عليها، إلا أني أختلف مع قارئي فكثير من بديهيات الأشياء من كثرة قربها منا أُصبنا تجاهها بما أسميه "عميَ القرب"، إن من بديهيات الممارسة الجنسية توفر الشعور بالراحة والسعادة والطمأنينة لكي تتم هذه العملية بشكل سليم وممتع، وبالحديث عن ظرف جهاد النكاح بسورية فنحن نتحدث عن مجموعة من المقاتلين الأجانب والسوريين والعرب الذين دخلوا لسورية خلسة وتهريبا عبر الحدود، وبالتالي هؤلاء المقاتلون يعيشون ظروف رهبة وتوجس وانتقال مفاجئ من مكان لمكان ومن حالة نفسية لحالة أخري، فالحديث عن طمأنينة وراحة وعافية ومزاج راغب في ممارسة الجنس مسألة عليها علامات نفسية كثيرة تحتاج مزيدا من التحليل، وبتتبع تاريخ ظهور فتوي جهاد النكاح يمكن الحديث عن تزامن بين جهاد النكاح وسيطرة هؤلاء المقاتلين علي مناطق تم تسميتها بسورية مناطق مُحررة. الملاحظة الرابعة الظرف الديني للمجاهد: فالظرف الديني للمجاهد "مع اعتقادي أن ما يحدث بسورية ليس جهاد علي الإطلاق" فهو الزهد في كل المتع، بل الزهد في هذا الوجود الدنيوي الفاني كله، فكيف يتأتيّ لمن زهد في الدنيا أن يفكر في هذا الموقف في ممارسة الجنس مع امرأة لا يعرفها ولا تربطه بها أي عاطفة، ومع علمه المسبق أن هذه المرأة يقف علي الباب مقاتل آخر لينام معها ويمارس معها الجنس، أي نظام للتبرير الذي يقبل هذا الماخور الجنسي علي أنه جهاد، كيف يتحول فرج المرأة إلي بالوعة ونسمي ذلك جهادا وتقربا إلي الله؟، لماذا لم يرسل المشايخ الذين أفتوا بجهاد النكاح ببناتهن لممارسة هذا النوع من الجهاد؟ الملاحظة الخامسة الظرف الاقتصادي لجهاد النكاح: أغلب التقارير المؤكدة تشير إلي أن المسافرات لسورية من خلفيات فقيرة في بلادهن الأصلية، فلم نجد بنت رئيس أو أمير أو وجيه من الوجهاء تسافر لسورية لكي تمارس جهاد النكاح، ؟ وهل منتج جهاد النكاح ابن زنا أم ماذا ؟ وهل لدي هذه الأسر ما تخشي عليه من بقايا سمعة وشرف ومظهر اجتماعي؟ أم يبدو أنهم يعيشون في بلادهم في الهوامش وكثير من القيم حدث لها نوع من التشيؤ والسلعنة، فتغيرت كل أبنية القيم المُدركة لديهم بفعل المعاناة في الهوامش؟ الملاحظة السادسة نظام التبرير: لاشك أن هناك مبررات عقلية تجعلنا نصدق بقدراتنا وقوتنا وكفاءتنا وأفعالنا، حين يصدق الشخص أن فعله سليم ولا مشكلة به فهذا يعني أن تفكيره مُصاب بدرجة عالية جدا من التشويه، القضية كلها "جهاد - شهادة - جهاد نكاح -فردوس بسبب جهاد النكاح.." تم بيعها بغسيل الأدمغة.. وإن كنت لم أعد أدري علي هذا "غسيل" علي نظافة معناه أم "تقذير".