بالرغم من معاناة القارة الافريقية من الاحتلال والحروب الاهلية وظلم المستعمرين الاجانب ومعاييرهم المزدوجة الا ان بعض دول القارة انتقلت اليها فيما يبدو عدوي المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا الاقليمية والدولية!! وقد ظهر هذا بشكل صارخ في تبني دولة موريشيوس وهي من دول الجنوب الافريقي موقفا متشددا للغاية ازاء الاحداث الاخيرة في مصر وتجاهلها للضغوط الشعبية الهائلة والمخاطر التي احاطت بالبلاد ودفعت الجيش للتدخل لصالح الارادة الشعبية في تناقض صارخ وواضح مع موقفها ازاء الانقلاب الواضح والصريح في دولة مدغشقر. فقد وقفت موريشيوس بقوة في وجه العقوبات التي فرضها الاتحاد الافريقية بعد الانقلاب العسكري الذي حمل الرئيس اندري راجولينا الي سدة الرئاسة قبل بضع سنوات بمساندة من الجيش. بل لقد وصل الامر الي حد انتقاد موريشيوس للاتحاد الافريقي نفسه وتاكيده علي متانة العلاقات الثنائية بين البلدين. وقامت موريشيوس بعدة تحركات مثيرة للدهشة وسعت علي سبيل المثال لمساعدة مدغشقر علي الخروج من الوضع المتأزم فيها من خلال عقد اجتماعات واجراءات الاتصالات مع السفراء الاجانب لديها. كما اصرت موريشيوس قبل سنوات قلائل علي تقليد سفير مدغشقر السابق لديها منصب عميد السلك الدبلوماسي في تحد لارادة رؤساء بعثات الدول الاجنبية. ويثير هذا التناقض العجيب في موقف موريشيوس الكثير من علامات الاستفهام. فهل اتخذت موريشيوس موقفها المتزمت ازاء مصر نتيجة تغير في الفكر السياسي ام انه بسبب الرغبة في الحفاظ علي مصالحا واستثماراتها واستمرار استفادة رجال الاعمال من قرارات المقاطعة وزيادة صادراتهم اليها اي انه تفكير نفعي بالدرجة الاولي؟ ام ان تمسك موريشيوس بقرار الاتحاد الافريقي تجاه مصر ياتي في اطار الضغوط التي تقوم بها جنوب افريقيا علي مستوي القارة ضد مصر خاصة لانها تتمتع بنفوذ كبير في دول الجنوب الافريقي بشكل عام؟ في الوقت نفسه لا يمكن النظر في موقف موريشيوس دون ربطه بالاحداث الداخلية التي خلقت لدي زعماء البلاد حساسية خاصة ازاء اي تغيير في السلطة بضغوط ودوافع شعبية. فقد حاولت قوي المعارضة في الداخل حشد الراي العام للضغط علي رئيس الوزراء نافينتشاندرا رامجولام من اجل اجراء انتخابات عامة مبكرة. وبالرغم من ازمة الديون الاوروبية و انسحاب حليفه الرئيسي في الائتلاف الحاكم وهو الحركة الاشتراكية المسلحة يقابل رامجولام هذه الضغوط الشعبية بالرفض.