تحولت ساحات المساجد في الفترة الاخيرة الي ساحات للاشتباك والاقتتال وتبادل الضربات وتقطيع الملابس ، بعد ان كانت الملاذ الأخير الذي يلجأ اليه الناس للتقرب الي الله ، فقد سيطرت أجواء الخلاف السياسي علي أداء بعض الخطباء منذ وصول الاخوان للسلطة وحتي بعد عزل الرئيس مرسي مما أدي الي ظهور حالة من النزاعات المستمرة داخل الكثير من المساجد في مصر سألنا أهل الرأي والفكر حول هذه الظاهرة ومدي تأثيرها علي الرأي العام والنظرة لمشايخ المساجد من ناحية ، وأثر ذلك علي العلاقة بين الفرد والمسجد من ناحية أخري ، والدور المنوط بوزارة الاوقاف للحد من هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل لافت للنظر خلال الفترة الاخيرة : في البداية تعالوا نستعرض بعض الوقائع التي شهدتها بعض المساجد خلال العام الذي تولي فيه الرئيس السابق محمد مرسي الحكم في مصر .. ففي مسجد القدس في يوم الجمعة الموافق 21 يونيه 2013 أي قبل الثورة الثانية بتسعة ايام كان علي موعد مع إحدي هذه المشكلات ، وقتما كان الرئيس السابق محمد مرسي يقوم بتأدية صلاة الجمعة وبعد ان فرغ من الصلاة راح مؤيدوه وأنصاره يهتفون له بالبقاء والاستمرار في السلطة ، وهو ما حدثت علي اثره مشادات بين فريقين ، حاول الامام ان يدعوهم لعدم استباحة المساجد في الهتافات السياسية وطلب منهم ان يكون هذا في خارج المسجد ، مما آثار حفيظة مناصري الرئيس الذين اعترضوا علي أسلوبه ووصل الامر حسبما تداولت الانباء الي الاعتداء عليه ومحاولة ضربه. وفي المسجد المقابل للمدرسة الزخرفية بمدينة ملوي بالمنيا حدثت مشادات وخلافات شديدة بين عدد من السلفيين والامام الشيخ حمادة بسبب اختلاف المواقف السياسية واقعة جرت بمسجد السلام امام قسم الحوامدية القديم رصدناها منذ ثلاثة اسابيع جرت حيث تكلم خطيب الجمعة في السياسة وشن هجوما علي المتظاهرين ضد مرسي ووصفهم بالإمعة مما ادي ألي اعتراض الكثيرين وبعد انتهاء الصلاة حدثت مشاكل حتي وصلت للتشابك بالايدي . دار السلام مسجد التوحيد ايضا بمنطقة دار السلام شهد خلافات ومشادات بين فريقين ، احدهما مؤيد للرئيس السابق محمد مرسي ومعارضين له وامتدت المشادات الكلامية الي ان وصلت الي حالة من الاشتباك بالأيدي وهو ما حاول الكثير من المصلين ان يحولوا دون اتساع دائرة الخلاف احتراما وتقديرا لبيت الله . واستمرت حالة الاشتباك داخل المسجد وخارجه حتي انتهاء الصلاة وخروج المصلين من المسجد وذلك بعد ان تحدث الخطيب عن أمور سياسية بعينها ما شجع عددا من المؤيدين المتحمسين لمناصرته واحتداد الفريق الآخر لمواجهته ما نتج عنه صراع داخل بيت من بيوت الله . اما المنابر التي تحولت الي حقول الغام تنفجر في المصلين فقد رصدنا عددا منها ، حيث قام احد الشيوخ في ديروط ودعا من علي المنبر المواطنين بالجهاد مع الرئيس - المعزول - محمد مرسي ضد الجيش ، وجبهة الإنقاذ والبابا تواضروس وهو ما آثار حفيظة بعض المعتدلين الذين اعتبروا ان هذا التوجيه من بيت الله دعوة للاقتتال وهو ما يتنافي مع صحيح الدين ، معتبرين ان وزارة الاوقاف مقصرة في اتخاذ الإجراءات المطلوبة تجاه الدعاة الذين يثيرون القلاقل . وقد شهد مسجد السلام بقرية كفر العزيزية مركز سمنود معركة بين أهالي القرية، وبين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بعد قيام إمام المسجد، ويدعي محمود بالدعاء في صلاه التراويح علي الجيش المصري بالهلاك وفور انتهاء الصلاة، قام المصلون بتلقينه علقة ساخنة وتدخل بعد أنصار الإخوان المسلمين المنتمين للرئيس المعزول وحدثت اشتباكات بالأيدي بين الطرفين وحذروا الإمام من الصلاة بهذا المسجد. وزارة الاوقاف الدكتور سلامة عبد القوي المتحدث الرسمي للوزارة يشير الي أن ما يحدث في المساجد يعود الي وجود ناس لا يراعون حرمة المساجد وآدابها ، لافتا الي أنه قد يكون هناك تجاوز في الخطاب الدعوي من بعض الدعاة يحدث حالة من الفرقة ،الامر الذي خاطبت بعد ملاحظته الوزارة الدعاة بحتمية ان يكون الخطاب الدعوي مناسبا يوحد الناس ولا يدعو للفرقة . يقول عبد القوي "من خلال متابعتنا تبين لنا ان بعض المساجد التي حدثت بها هذه المشاكل غير تابعة للأوقاف . يقول عبد القوي " اذا تبني الإمام رأيا سياسيا ، ونحن لسنا ضد ان يكون له انتماء أو رأي ، ولكن نرفض ان يعلن هذا . يقول الشيخ احمد ترك الداعية الإسلامي وامام مسجد النور ان ما يجري في المساجد جاء كنتيجة طبيعية لحالة الانقسام التي يتعرض لها المجتمع منذ صعود جماعة الاخوان المسلمين للسلطة ووجود نوع من الخطاب الديني الحاد الذي يقسم الناس الي مؤيدين للجماعة ومعارضين لها واعتبار من يخالفهم في الرأي علي انه خارج من الدين ، بل انهم في أحيان كثيرة يعتبرون مخالفيهم كفارا ويخرجونهم من الدين بفعل ما يمسحونه علي انفسهم من انهم يملكون الدين الصحيح وحدهم ، محذرا من استمرار هذه الحالة ، ومؤكدا ان انكسارها يمكن ان يكون اذا ما استطاعت وزارة الاوقاف ان تحكم الخطاب الديني الصاعد علي المنابر وتختار الدعاة المعتدلين العقلاء في هذه الفترة كي يوجهوا الناس الي صحيح الدين دون تطرف او تفريط . عدم احترام ويؤكد الدكتور احمد عمر هاشم ان ما يجري داخل المساجد من بعض الائمة يعكس عدم احترام قدسية المساجد التي حرم الله الخلاف داخلها لانها مكان الراحة و الاستقرار النفسي ، ولا يحق لاحد ان يحولها الي ساحة للصراع بدعوي الاختلاف في الرأي حول أمور سياسية بحتة والانتصار لموقف جماعة او حزب ضد الشعب ، وبالتالي ادخال المسلمين في جدل لا نهاية له علي الإطلاق ، محذرا من استمرار هذه الحالة التي تؤدي الي شق صف المسلمين . ويري الدكتور عمر هاشم ان علي المسلمين الوعي التام بأهمية المرحلة الحالية مع نبذ كل مايفرق المسلمين والاتجاه للوحدة وترك الخلاف الذي أوصلت اليه التقسيمات السياسية مع ما آلت اليه الأوضاع في مصر.