عبر قرون طويلة من الزمان كان شهر رمضان يهل بهلاله علي مصر فيجدها في انتظاره مرتدية الزينة والأفراح معبرة عن قدوم هذا الشهر الكريم. وكانت الأعلام والمصابيح ترتفع في أعلي المباني ومآذن المساجد والبيوت إلا أن رمضان هذا العام وجد مصر غارقة في الظلام والصمت والأحزان وعندما طاف في الشوارع والميادين شاهد الحشود الشعبية تملأ ميادين التحرير والإتحادية ورابعة ونهضة مصر وغيرها في المحافظات ..وشعر بوجود احتقان شديد في الشارع المصري وعلم أن هناك أنشقاقا وأنقساما كبيرا بين الطوائف والأحزاب نتيجة لاندلاع ثورة 30 يونيو التي تحركت فيها الحشود الكبيرة من الشعب الذي عاني كثيرا من الأزمات نتيجة لفشل سياسة الرئيس محمد مرسي الذي أضاعته سيطرة جماعة الإخوان وكان ينفذ تعاليمها وأوامرها وترك لها الحكم والمناصب القيادية لتتحكم في الشعب المصري مثلما تريد فشعر الناس بانهيار حاد في الحياة المعيشية والتي نتج عنها انهيار الإقتصاد و أصبحوا لا يستطيعون الصبر علي هذا الفشل السياسي و الإقتصادي والإجتماعي والثقافي وهم يرون الإخوان يفسدون في كل مكان يتحكمون فيه ويسيطرون عليه وكانت هبة الشعب ليقول لا لهذا الرئيس ولأهله ولعشيرته وطالبوا بالتغيير مهما كان الثمن وأن تجري انتخابات رئاسية مبكرة لأنهم لا يستطيعون الصبر علي هذا الحال السيئ جدا لمدة ثلاث سنوات أخري ..وتساءل شهر رمضان كيف تم التغيير وجاءت الأجابة بأن القوات المسلحة الوطنية لبت نداء هذا الشعب وانصاعت لأوامره وطلبت من الرئيس إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ولكنه آبي واستكبر وظن أن أهله وعشيرته أقوي من شعب يبحث عن التغيير.. وقامت القوات المسلحة بدورها وتم عزل الرئيس وتنفيذ خطة لخارطة مستقبل مصر بدأت بتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا كرئيس مؤقت للبلاد في الفتره الانتقالية والتي يتم خلالها تشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات نيابية ثم رئاسية مبكرة لانتخاب رئيس جديد..وتعجب شهر رمضان من أن الحشود الشعبية المطالبة للتغيير بلغت 33 مليون مصري وهي أكبر حشود بشرية تجمعت في مشهد سياسي عبر التاريخ ..ثم علم أن هناك حشودا لتأييد الرئيس المعزول المصرة علي عودته اتخذت من ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر مكان للأعتراض علي ثورة 30 يونيو وتوعد قادتها بالانتقام من الشعب المصري الكافر الذي خرج عن شرعية رئيسه وهي من شرعية الله وتعجب شهر رمضان من أن هذا التجمع يتخذ من الاسلام شعارا له بينما يقوم بعض أعضائه وميليشياته بأعمال إرهابية ضد المنشآت الحيوية والتجمعات الشعبية حيث حاولت مجموعة منهم اقتحام مبني الحرس الجمهوري فجراّ وفشلت بعد أن قتلوا ضابطين وأصابوا 40 جنديا وسقط منهم 53 إرهابيا بينما هرب بقيتهم علي الدراجات البخارية ليختفوا وسط حشود رابعة العدوية ثم قامت بقية العناصر الإرهابية بمهاجمة أهالي بين السرايات وقتل عدد من الشباب هناك و أيضا في الهرم وفيصل والمنيل ويقطعون الطرق السريعة من آن لآخر ثم يحاولون الزحف الي حشود ميدان التحرير للإشتباك معهم في قتال لا يعلم خطورته سوي الله ..و يؤكد شهر رمضان أن الإسلام بريء تماما من إراقة الدماء أو اللجوء للإرهاب أو القتال لحل الخصام بين الأشقاء ويتعجب من فتح الإخوان الطريق لميليشيات قادمة عبر الحدود من غزة للقيام بأعمال إرهابية ضد المنشآت الحيوية والعسكرية في سيناء ويرفض تماما هذا الحصار الحديدي المفروض من قيادات الإخوان حول متظاهري رابعة ومنعهم من العودة الي حياتهم الطبيعية وفرض مبدأ السمع والطاعة منهم وإلآ فالويل لهم ..ويري شهر رمضان أن تطبيق القانون علي مجرمي الإخوان وخاصة من قياداتهم الذين ارتكبوا الجرائم الدموية ضد مصر وغرروا بشباب الإخوان فأوقعوهم تحت مصيدة الإرهاب ضد المجتمع باسم الدين والدين منهم برئ تمام ..ويطلب شهر رمضان أن يلتحم الجميع في مصر وتتم المصالحة الوطنية لتعود مصر كما كانت أم الدنيا ومهد الحضارة وبلد الأمن والأمان كما ذكرها الله في كتابه العزيز .