قلة من نجومنا السوبر ستار منحهم الله سبحانه وتعالي الي جانب موهبة الإبداع في مجال الاداء التمثيلي موهبة أخري في القدرة علي خطف العيون والقلوب بمجرد أن »يطل« أحدهم عليك في حفل عام أو أية مناسبات اجتماعية أخري حيث تشعر لحظتها انك تري القمر وقد اكتملت صورته المضيئة في السماء. ومن هؤلاء صديق عمري نجم النجوم القدير محمود عبدالعزيز الذي شهدت حفل تكريمه داخل قاعة »النيل« في الاسبوع الماضي حيث احتفي به المركز الكاثوليكي بقيادة الأب بطرس دانيال عرفانا وتقديرا بمشواره الفني الطويل كممثل له لون وطابع خاص لا يتشابه فيه مع أحد من ابناء جيله أو حتي من الأجيال السابقة عليه والتي صنعت تاريخا مشرفا بل ومميزا في السينما والمسرح والتليفزيون والراديو وايضا في مجال الاعلام المقروء كانت له صفحات مضيئة تصلح لأن تكون درسا لكل انسان يسعي لتحقيق موهبته في المهنة التي يذوب فيها عشقا. وداخل قاعة »النيل« بالمركز الكاثوليكي جلست لأتابع وقائع تلك الليلة الجميلة التي اكتملت فيها صورة القمر »بطلة« محمود عبدالعزيز حيث ادار الناقد السينمائي الكبير طارق الشناوي حوارا ممتعا مع ابن الاسكندرية الذي تعلم من البحر أن يكون دائما متدفقا وصاخبا ومتجددا في أفكاره وأحلامه لا ترهبه شدة الموج في السباحة ضد التيار حتي يصل الي شاطئ الأمان بقوة وعزيمة الرجال الأشداء الشرفاء. هكذا كان محمود عبدالعزيز يسبح ضد التيار فهو مجنون تمثيل ويحلم بأن يصبح ممثلا ولكنه في نفس الوقت يدرس مثل غيره في الجامعة فقد التحق بكلية الزراعة حبا في وجود مسرح بها يفجر من خلاله كل طاقته وموهبته وشاء قدره ان تدفعه تلك الهواية لان يصبح ايضا متفوقا في دراسته فبعد حصوله علي البكالوريوس يحصل علي درجة الماجستير في تربية النحل ولكنه لم ينهزم امام عسل النحل وظل علي اصراره في العمل كممثل. ومن مسرح الجامعة يلتقطه المخرج الكبير نور الدمرداش ليصنع منه نجما له لون وبريق خاص ويزداد توهجا ولمعانا مع ظهوره في حلقات »الدوامة« التي كانت سببا في عبوره الباب الملكي لشاشة السينما مع المنتج العبقري الكبير الراحل رمسيس نجيب الذي دفع به للاشتراك في بطولة فيلم »حتي اخر العمر« اخراج اشرف فهمي ليعلن عن ميلاد نجم سينمائي جديد صعد الي قمة الهرم علي الشاشة الفضية بسرعة الصاروخ فلم تنحن له قامة او يقدم أعمالا تخجل منها وأنت تشاهده فيها فكان بحق ضميرا صادقا لأمته وربما كان هذا الصدق وراء النجاح المذهل الذي حققه في المسلسل الأسطورة »رأفت الهجان« الذي صار جزءا مهما من تراث الأعمال الدرامية الخالدة للفيديو حيث التف من حوله كل ابناء الأمة وهم يستمتعون بأدائه المذهل لهذه الشخصية التي لعبت دورا وطنيا مهما في منظومة الأمن القومي المصري خلال فترة شديدة الحساسية والخطورة في صراعنا مع الكيان الصهيوني. وكناقد أمضي من عمره 53 عاما في مهنة النقد الفني بكل فروعه ومجالاته وكواحد شاهد علي المشوار الطويل لمحمود عبدالعزيز أؤكد بأنه كان في جميع أعماله السينمائية والتليفزيونية والمسرحية يصل الي درجة الذروة حيث كان يتوحد مع كل شخصية يجسدها لدرجة تفوق الخيال فمن منا لم يصدقه وهو يؤدي دور »الشيخ حسني« في فيلم »الكيت كات« ومن منا لم يصفق له طويلا وهو يقدم الشخصية الصعبة والمعقدة ل»عبدالملك زرزور« في فيلم »ابراهيم الأبيض« فقد كان ساحرا بمعني الكلمة مع كل إشارة أو لفتة أو عبارة ينطقها وكانت عيناه تحملان مشقة الزمن وعذاب السنين وهو يحكم بقانون لا يعترف بغير القوة في زمن لم يعد للضعفاء فيه مكان. والكلام عن محمود عبدالعزيز تضيق به المساحة هنا لأنني اكتب عن قطعة من نفسي فقد صعدنا درجات السلم معا وأشهد أنه لم يهزم قط أمام أية أزمات أو عقبات ولم تقهره ماديات الحياة القاسية ولم يتنازل عن مبادئه ولم يفعل مثل غيره ويتاجر في موهبته الفنية بقبول أدوار سطحية او تافهة سعيا وراء المال ولم يقدم أية تنازلات تطيح بكبريائه وكرامته ولم ينحن في حياته قط سوي لله عز وجل. ولا أستطيع ان أنهي سطوري تلك عن محمود عبدالعزيز صديق عمري دون أن أحيي الأب بطرس دانيال المسئول عن المركز الكاثوليكي للسينما الذي صنع تلك الليلة الرائعة التي اكتمل فيها القمر وحضرها معي زملاء اعزاء من أصحاب القامات العالية المتألقة والفن وأذكر من بينهم المتألقة دائما ميرفت أمين والكاتب الساخر فؤاد معوض والكاتب الطلقة وائل الأبراشي وفاكهة الصحافة الرائع عاصم حنفي والكاتب الدرامي الكبير كرم النجار والاعلامي امام عمر والمنتج المحترم خالد حلمي والزملاء الصحفيون من شتي المطبوعات والقنوات التليفزيونية المصرية والعربية ووكالات الأنباء الذين جاءوا جميعا في ليلة اكتمل فيها القمر ليشاركوا محمود عبدالعزيز فرحته وسط عائلته الصغيرة الزوجة الاعلامية الكفء بوسي شلبي والابناء نجوم المستقبل »محمد« و»كريم« وهم كل ما يمتلكه هذا الفنان الجميل في دنياه مع اهله وناسه في الاسكندرية .