ذكر الرئيس الدكتور محمد مرسي سلفه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر مرتين في وقتين مختلفين ومناسبتين مختلفتين.. الأولي فور توليه المسئولية وألمح وقتها الي ما كان يمارسه عبد الناصر من ديكتاتورية وذلك عندما كان يتحدث في ميدان التحريرعن تقييد الحريات قائلا: »الستينات وما أدراك ما الستينات«. أما الثانية فكانت في الاحتفال بعيد العمال مساء الثلاثاء عندما قال لبعض ممثلي العمال الذين استقبلهم في قصر القبة " ان عبد الناصر أراد أن يضع قاعدة صناعية صلبة ".. ومرة أخري قال "ان عبد الناصر اسس صناعة استراتيجية" ..ومرة ثالثة " سأكمل ما بدأه عبد الناصر". وهنا يبرز السؤال المهم.. أي من الرأيين هو الرأي الحقيقي للرئيس مرسي.. هل عبد الناصر" الستينات" أم عبد الناصر" الصناعة". وإلي أي منهما ينحاز وإلي أي من الصورتين يقترب . فالزعيم الراحل جمال عبد الناصر له أكثر من وجه .. أحدها تمثله الصورة التي رفعها ثوار يناير المطالبون بالعيش والعدالة الاجتماعية .. المطالبون بالمساواة والانحياز للفقراء .. المطالبون بالريادة المصرية العربية والافريقية ..المطالبون بالعزة والفخر والكرامة. والثانية تمثله الصورة التي لم يرفعها ثوار يناير أيضا.. الذين رفضوا الحاكم المطلق والحاكم الأبدي دولة الحزب الواحد.. ورفضوا الدولة البوليسية و الادارة العسكرية.. ورفضوا التأميم وكبت الرأي المعارض وغيرها مما عاشه المصريون في الستينيات واستمروا يعيشونه بعد ذلك لسنوات طويلة. الناصريون اعتبروا أن تصريحات مرسي بشأن استكمال مسيرة عبدالناصر محاولة لاستعطاف الشعب من خلال استغلال رصيد الرئيس الراحل، خاصة أن مشروع مرسي رأسمالي في حين أن مشروع عبد الناصر اشتراكي. ومحاولة لاستعطاف الشعب من خلال استحضاره لشعبية عبد الناصر لما له من رصيد كبير عند المواطنين".أما القوي والأحزاب اليسارية فقد وصفت كلمات الرئيس مرسي بأنها محاولة لتجميل صورته وصورة حكومته أمام الشعب. يعني الناصريون واليساريون لم يتقبلوا من الرئيس مرسي أن يتقرب من الرئيس الراحل عبد الناصر.. ولكنني أعتقد أن الرئيس مرسي كان يعني بالتحديد كل ما يتعلق بحقوق العمال سواء باقامة صناعات استراتيجية واصلاح ما تهدم من قلعة عبد الناصر الصناعية .أو ما يتعلق بحقوق العمال وامتيازاتهم التي كانت في تصوري سلاحا ذا حدين .. فهي قد خلقت طبقة من العمال الشرفاء الذين بنوا النهضة الصناعية المصرية وخلقت في الوقت نفسه مجموعة من العمال الذين اهتموا بأن يأخذوا ولم يهتموا بما يعطونه لوطنهم. عبد الناصر وكل زعماء مصر السابقين الذين هم بين يدي الله هم ملك للتاريخ .. لهم ما لهم وعليهم ما عليهم .. ونحن لا نملك سوي أن نقيم ما قدموه للوطن وما كان يجب عليهم أن يقدموه. أما حكامنا الحاليون فإنه من الواجب علينا أن ندعمهم ليحققوا ما نريده .. وأن نقف أمامهم إذا حادوا عن الطريق. أما العمال الذين يطالبون اليوم بكل حقوقهم فإن عليهم أن ينتبهوا ان عليهم واجبات ..واذا كان عبد الناصر هو نصير العامل والفلاح .. وأعاد لهم كل حقوقهم وقدم لهم الكثير من الامتيازات .. فقد كان هذا في وقت لم تكن فيه للعمال أي حقوق فنصرهم علي أصحاب العمل .. لكن الصورة الآن مختلفة .. فنحن الآن في حاجة الي عمال حقيقيين مهرة يعودون بالمنتج المصري الي المكانة التي يستحقها .. الوطن بحاجة الي هذه النوعية من العمال وليس بحاجة الي البهوات أصحاب الصوت العالي الذين يجلسون علي المقاهي ويحركون المظاهرات ويعطلون مصانعهم ويقطعون الطرق. وقتها ستعود إليهم كل حقوقهم وأكثر رغما عن أنف أي رئيس وأي حكومة. وإذا كان الرئيس مرسي وعد العمال بالسير علي طريق عبد الناصر .. فإن علي العمال أن يعدونا بالسير علي طريق عمال عبد الناصر. الحكاية مش كلام ووعود ..الحكاية حكاية عمل وجهد وعرق وإتقان ومراعاة للضمير. العالم كله سبقنا .. رغم انهم في الستينات كانوا خلفنا بكثير.