أندية مانشستر يونايتد وريال مدريد ويوفنتوس وسانت إيتيان، هي كما بايرن ميونيخ أندية حاملة للرقم القياسي في الفوز ببطولة الدوري المحلي. لكن هناك فرق أخرى كانت تتباهى في السابق بهذا المسمى وكل ما يعنيه من إنجاز كروي عظيم. ففي إنجلترا مثلاً كان ليفربول حتى عام 2011 الفريق الذي يملك أكبر عدد من ألقاب الدوري قبل أن يتجاوزه مانشستر يونايتد بعد ذلك. في المقابل، شهدت ألمانيا انقلاب الموازين منذ مدة أطول. فإلى غاية عام 1987 كان نادي نورنبيرج بطل ألمانيا الأول برصيد تسعة ألقاب إلى أن تفوق عليه بايرن ميونيخ الذي أحرز بعد ذلك اثني عشر لقباً آخراً إلى غاية 2012. البداية: إن النزال بين هذين الجارين الفرنكوني والبافاري الذين لا تفصلهما سوى مسافة 150 كلم فقط هو أكثر من مجرد مباراة، حتى وإن لم يكن الديربي الأقدم في البلاد أو المواجهة ذات القيمة الأكبر أو التاريخ الأعرق. غير أن هذه المباراة تجمع بين فريقين يملكان معا 31 لقب دوري، وهو ما يجعلها فريدة من نوعها في الدوري الألماني. قبل أكثر من 45 سنة، في 30 أكتوبر 1965 تواجه بايرن ونورنبيرج للمرة الأول في الدوري الألماني. وقد حضر آنذاك حوالي 40.000 متفرج في ملعب جرينفالدر، المعقل السابق لأبناء مدينة ميونيخ، واستمتعوا بمباراة رائعة. ورغم أن بايرن الصاعد الجديد بسط هيمنته على المباراة إلا أنه لم يتمكن من فك شيفرة دفاع أبناء نورنبيرج. وبعد نهاية النزال انتقد مدرب بايرن زلاتكو تشيك كاجكوفسكي الأسلوب الهدام الذي نهجه أبناء فرنكونيا. أرقام وحكايات وأقوال: لغاية عام 2012 ارتفع عدد مباريات الديربي إلى 185 (بما في ذلك النزالات التي سبقت بداية الدوري الألماني عام 1963) كما نُسجت العديد من الحكايات حول هذه المواجهة. ففي ديسمبر 1967 أجريت إحدى أكثر الديربيات إثارة بمدينة نورنبيرج أمام حوالي 65.000 متفرج. ولم يترك الفريق المضيف ومتصدر الترتيب أي فرصة لصاحب المركز الثاني الذي كان يقوده آنذاك كل من فرانز بيكنباور وجيرد مولر وتفوق عليه بنتيجة 3:7. وكان فرانز برنجس هو بطل هذه المباراة بعدما وقع على خمسة أهداف بالتمام والكمال، وهو ما يعد إنجازا تهديفيا عظيما لم يسبق لأي لاعب من نادي نورنبيرج أن حققه منذ ذلك الوقت. وفي نهاية الموسم، توج ممثل فرنكونيا بلقب الدوري بعد فوزه على بايرن ميونيخ بهدفين نظيفين في الجولة ما قبل الأخيرة، لقبٌ هو الأخير لنادي نورنبيرج حتى هذا اليوم. وما زال نهائي الكأس 1982 إلى غاية الآن أسطورياً وراسخاً في الذهن والذاكرة، وذلك لا يعود فقط إلى طابع المباراة المثير والدراماتيكي، حيث تمكن النادي البافاري خلالها من قلب تخلفه بهدفين نظيفين في الشوط الأول إلى فوز 4-2 في نهاية الأمر، لكنه يعود خصوصاً إلى ديتر هونيس. بسبب إصابته بجرح في الرأس اضطر المهاجم الدولي أن يلعب لمدة طويلة بعصابة على رأسه ونجح في الدقيقة 89 في تسجيل هدف بالرأس حاسما في فوز فريقه بنتيجة 4-2. كان النزال الذي جمع الفريقين في أبريل 1994 أقل إثارة لكنه كان في نفس الوقت أكثر غرابة. فبعد تنفيذ ركلة ركنية حاول توماس هيلمر إدخال الكرة في الشباك لكنه وضعها خارج المرمى، بيد أن الطاقم التحكيمي قرر ومع ذلك احتساب هدف التقدم لصالح أبناء مدينة ميونيخ (النتيجة النهائية 2-1). وفي نهاية المطاف أعيدت المباراة واحتفل نادي بايرن ميونيخ خلالها بأكبر فوز له في تاريخ مواجهات الديربي بين أبناء بافاريا وفرنكونيا (5-0). وبعد بضعة أيام توج الفريق البافاري باللقب في حين هبط نادي نورنبيرج إلى الدرجة الثانية. وبعد انقضاء تسع سنوات كانت هناك مواجهة خالدة في منافسات الكأس. ولم يتحدد الفائز بمباراة الدور الثاني بين الفريقين سوى بعد تنفيذ 18 ركلة ترجيحية. فبعد 17 محاولة (إهدار ركلتين من كل جانب) تقدم لاعب نورنبيرج مارك نيكل لتسديد الكرة لكنه فشل أمام أوليفر كان. كما شهد النزال الذي أقيم في مايو 2005 بملعب ميونيخ الأوليمبي غزارة تهديفية لكن أيضاً حدثاً تاريخياً. ولقد كان الفوز لصالح العملاق البافاري بنتيجة 6-3 (5-0) لكن ما زاد هذه المواجهة أهمية هو كونها آخر مباراة أقيمت في ملعب مدينة ميونيخ الأوليمبي. فانطلاقا من الموسم التالي انتقل أبناء مدينة ميونيخ إلى معقلهم الجديد آليانز أرينا. أما آخر حدث بارز شهدته مواجهات الفريقين فكان خلال موسم 2010/2011 عندما أقيل مدرب بايرن ميونيخ لويس فان جال من منصبه بعد تعادل 1-1 بمدينة نورنبيرج. الحاضر: تزيد الهوة بين هذين الفريقين الألمانيين الكبيرين في الوقت الحالي عمقاً واتساعاً. فبينما ينافس فرسان مدينة ميونيخ كل عام من أجل البطولة والنجاح الأوروبي، تمكن نادي نورنبيرج بعد سنوات من التأرجح بين الدرجة الأولى والثانية من تثبيت نفسه مجدداً في الدوري الألماني الممتاز. وفي هذا السياق أوضح المدير الرياضي للفريق مارتين بادر قبل بضعة أيام بالقول: "بالنسبة لنا إنه امتياز أن نتمكن من اللعب كل سنة ضد بايرن ميونيخ. نبذل كل ما في وسعنا ليتكرر ذلك في العام المقبل والعام الذي يليه أيضاً." وقد وصف هداف نادي نورنبيرج الأفضل مارك مينتال مواجهة الغريم القوي الذي يمثل مدينة إيزار "بالمباراة المختلفة والمميزة"، في حين أفصح إلكاي جاندوجان قائلاً: "بايرن ميونيخ غريم كبير. تسود خلال وبعد المباراة أجواء استثنائية بمدينة نورنبيرج." لكن أبناء مدينة ميونيخ يعرفون أيضا المعنى الكبير لهذا الديربي الألماني العريق حيث أكد دافيد ألابا أفضل لاعب نمساوي في السنة (2012) بقوله: "إنها مباراة مهمة للغاية بالنسبة للأنصار، إذن فهي كذلك بالنسبة لنا.". حتى وإن كانت طموحات الفريقين في المستقبل القريب فيما يخص الفوز باللقب أو البقاء في الدوري الممتاز متباينة جداً، فإن أبناء مدينة نورنبيرج يأملون أن يضيفوا للنزالات المباشرة بين الغريمين الكبيرين بعض الذكريات الأليمة، كما تعودوا على القيام بذلك في العقود الماضية.