** قبل أن تبدأ الانتخابات سقط الامير على بن الحسين في انتخابات رئاسة الفيفا، ليس لأنه مرشح ضعيف، وأيضا ليس لقوة منافسه جوزيف بلاتر الرئيس الحالي والقادم، ولكن لأن برنامجه الانتخابي قائم على محاربة الفساد. والفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم منظومة متكاملة، مثلما هو في جميع الكيانات، يحمي نفسه ويتوغل ويتعمق بحيث يبدو كأنه من سابع المستحيلات القضاء عليه لمجرد أن شخصا بمفرده أراد القضاء عليه. بالقطع دعوة الأمير الأردني العربي بالقضاء على الفساد دعوة نبيلة، ولكن هل يكفي النبل للقضاء على الفساد، بالقطع أيضا .. لا. أما منافسه صاحب الحظوة والفرصة الأكبر جوزيف بلاتر فإنه لا يحمي الفساد في الفيفا كما يتصور الكثيرون، بل على العكس فإن الفساد هو الذي يحميه، وهو الذي يرشحه وهو الذي سيضمن له البقاء في مقعده، فالفساد هو الذي يختار أدواته، وقد اختار بلاتر لأكثر من أربعين عاما سكرتيرا عاما ثم رئيسا. التزم بلاتر خلالها حرفيا بعدم الغوص فيما هو غير مسموح له ولغيره الخوض فيه، وانطلق في هامشه كما يحلو له وهو يعلم حدوده. ولذلك ساعدته منظومة الفساد على أن ينجو بكل أفعاله، والقضاء التام على كل من يعوق استمراره. والسؤال الآن .. هل بالفعل يصعب القضاء على الفساد في الفيفا؟ .. والجواب أنه إذا تحول الفساد إلى منظومة قإنه يستحيل القضاء عليه سواء كان في الفيفا أو غيره إلا بثورة حقيقية من الأعضاء في جمعيته العمومية التي تتسع لأكثر مما تحتويه الجمعية العمومية لمجلس الأمن. ولكن السؤال الأصعب .. هل من الممكن أن تثور الجمعية العمومية؟ .. والجواب : لا، فمنظومة الفساد لم تسمح بأن يتسرب إليها من في قلبه ذرة ضمير. ** إذا كانت الدولة ممثلة في حكومتها قد أعلنت عن عجزها في مواجهة القطاع الأهلي للرياضة، ورضخت لطلبه الأساسي بحذف أي قيد يعوق استمرار القيادات الأهلية على رأس الاتحادات الرياضية للأبد.. إذا كان هذا موقف الدولة، فليس أقل من أن تدع القطاع الأهلي ( أندية واتحادات ولجنة أوليمبية ) يتحمل مسئولياته كاملة بما فيها الصرف المالي على قطاع البطولة الرياضي، ويكون مسئولا أمام جمعياته العمومية، ومن ثم الرأي العام عن أي انجازات أو اخفاقات رياضية، لتتفرغ الدولة لمهمتها الأساسية في رعاية النشء والاهتمام الفعلي بالشباب من خلال قطاع الممارسة الرياضية، والتوسع في الاهتمام بمراكز الشباب. لو كانت الدولة صادقة في ذلك لامتد الاهتمام بالشباب في كل القطاعات، ولتوسعت دائرة ممارسة الرياضة بما ينعكس ايجابا على الإنتاج، ولجعلت من مراكز الشباب هي العنصر الغالب على تكوين الجمعيات العمومية للاتحادات، فتعود إليها مرة أخرى قيادة الحركة الرياضية دون ابتزاز من قيادات القطاع الأهلي بالاستقواء بالخارج. أما الأندية فلك أن تتخيل عندما تتوسع الدولة في الارتقاء بمراكز الشباب على نحو ما تفعله مع مركز شباب الجزيرة، من المؤكد أن الأندية الأهلية كل الأندية لن تبقى على اشتراكاتها التي وصلت بعضها إلى حاجز مشتقات المليون جنيه؟ وستعود أندية الشركات لعمالها ، وأندية المؤسسات للعاملين فيها، وبالتالي ستختفي كل المظاهر الكذابة لاحتراف "غسيل الأموال" الذي لا عائد حقيقي من ورائه لمصلحة الدولة أو الرياضة.