الحمد لله لم يطل حكم جماعة الاخوان ومندوبيهم في رئاسة محمد مرسي طويلا, فقد كان عاما واحدا من البؤس السياسي والاقتصادي والتردي الأمني والأخلاقي الذي أوصل البلاد والعباد إلي الحضيض, عاما واحدا كافيا لتكتشف جماهير الشعب المصري أكاذيبهم ونفاقهم, ولتعرف أن وظيفتهم التي نالوا عليها دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية ليصلوا إلي الحكم هي أن يكونوا الأداة الرئيسية في تجديد مشروع الهيمنة الأمريكية الصهيونية علي المنطقة. ويكفي أن يقرأ المرء تعليقات الصحافة الإسرائيلية علي سقوط مرسي حتي يدرك كم أن جماهير الاخوان كانت جزءا عضويا من ذلك المشروع. لقد فشلت الجماعة في مصر تماما كما ستفشل وتسقط في كل مكان, لأنها تستخدم الدين من أجل خدمة أهدافها السياسية فتسئ للسياسة ولكنها تسيئ أكثر للدين. ومن دون مبالغة نقول ان الذين يتخذون من ديننا الإسلامي الحنيف أداة للوصول إلي الحكم, ولتبرير تبعيتهم لأمريكا وتعاملهم مع العدو الصهيوني( المثال الساطع علي ذلك محاولة إضفاء شرعية دينية علي استمرار معاهدة كامب ديفيد). والاخوان المسلمون هم اليوم مثال الإسلاميين الذين حولوا الإسلام إلي مطية, وفسروا نصوصه علي هواهم, وأطلقوا من الفتاوي ما يخدم مصالحهم السياسية الخبيثة, بل وصل الانحطاط الأخلاقي بشيخهم المنافق القرضاوي إلي حد إعلان الجهاد في سوريا, واستباحة إراقة دماء السوريين وتدمير بلدهم وتهجير نسائهم وأطفالهم, بينما رأيناه عندما ثار الشعب علي ديكتاتورية مرسي وعصابته يسارع إلي تحريم الخروج علي الحاكم. والسؤال: أي مسلم هذا الذي يصادق المجرم الصهيوني بيريز ويعادي الشقيق المقاوم؟ أي مسلمين هم الذين يزعمون أن كامب ديفيد عهد لا يبيح الشرع الإسلامي نقضه؟!.. وأي مسلمين هم أولئك الذين يهادنون العدو الصهيوني ويحرسون أمنه وهو الذي يحتل فلسطين ويشرد شعبها ويهود قدسها ويدنس أقصاها, أي مسلمين يرسلون إرهابييهم وأسلحتهم لمحاربة سورية العروبة والمقاومة؟ الإجابة واضحة طبعا. ولذلك أكرر الزعم أن مابين المسلم والإسلامي علي الطريقة الاخوانية البائسة اللاوطنية واللاقومية واللانسانية فرق نوعي لا مجال لتجاهله ولا إمكانية لإزالته. ففي ذكري طرد الملك فاروق, وتأميم قناة السويس, استعاد المصريون روح عبدالناصر, ووضعوا كلمة النهاية علي أستار مسرحية عبثية لعبها تنظيم الإخوان المسلمين بكل أبطاله في القاهرة, وكومبارساته في غزة وتونس وطرابلس وصنعاء. المهم أن الفريق أول السيسي يدرك- قبل الجميع- أن القضاء علي مشروع الإخوان هو أكبر صمام أمان للأمن القومي المصري والعربي, وأن الجماهير التي أعطته تفويضا لمحاربة الإرهاب يطالبونه بتطهير سيناء من الإرهابيين المدعومين من بؤرة الشر التي اختطفت قطاع غزة وأهله رهينة بقوة القمع والإرهاب. وأخيرا أعتقد أن قدسية الإسلام تنتهك كأشد ما يكون الانتهاك عندما توظفها زمرة مشبوهة في خدمة الكرسي كما فعل مرسي وجماعته, وعندما يصبح الدين أداة جاهزة لتبرير أسوأ الأفعال وأقذرها بداية باحتكار الحكم وإقصاء الآخر وأخونة المجتمع, مرورا بإثارة الفتنة الطائفية والغدر بالمقاومة, وانتهاء بخدمة المشروع الأمريكي الصهيوني وبيع سيناء!