هل سيخضع أحد للحساب بعد انكشاف الكذبة التي صنعها البعض منا وروجها البعض الآخر, حتي أقنعوا ملايين المصريين بها. الكذبة التي أتحدث عنها هي تلك التي جرت في موقعة الجزائر الشهيرة. نحن نتحدث عن أكثر من كذبة وليست كذبة واحدة. نتحدث عن إنكار وقوع اعتداء علي الحافلة التي كانت تنقل الفريق الجزائري, وعن ادعاء أن أعضاء الفريق الجزائري قاموا بتحطيم الحافلة وإلحاق الأذي بأنفسهم. الأمر بدأ بموجة الشحن الإعلامي المخيفة التي سبقت المباراة. اهتاجت مشاعر الناس وبات الكثيرون يبحثون لأنفسهم عن دور في المعركة الوطنية الكبري من أجل' تقطيع' الأعداء. البعض شارك في المعركة بإسهامات عدائية وبذيئة علي الإنترنت البعض الآخر راح يرفع الأعلام ويعيد طلاء السيارات والبيوت بألوان العلم المصري بعض المراهقين اختاروا أن يترصدوا حافلة الفريق الجزائري لرشقها بالحجارة. نجح قليل من هؤلاء في اختراق التحصينات الأمنية فوجدوا أنفسهم علي مرمي حجر من الحافلة. جاءت ساعة الصفر, وتم إطلاق الحجارة, فكانت الكارثة. نريد أن نعرف من الذي نصح المسئولين والإعلام بإنكار الحادثة وقام بتلفيق الرواية البديلة عن اللاعبين الذين بطحوا أنفسهم علينا. الكذبة ساذجة ولا تنطلي علي أحد لكنها انطلت علي أغلبنا بسبب الشحن الإعلامي. الإعلام الذي كان قد انتدب نفسه لتسخين الجماهير منذ أسابيع لم يكن في حالة تسمح له بتدقيق الوقائع أو تحري الدقة. الجوقة الإعلامية كانت تعزف لحنا صاخبا لم يسمح لأحد بالاستماع لصوت العقل والمهنية والحقيقة. الإعلامي الذي قال بعد توقيع العقوبة إنه لم يكن يعرف يتحمل من المسئولية القدر نفسه الذي يتحمله ملفقو الكذبة. الموضوع كله كان يمكن له أن ينتهي لو أننا اعترفنا بالواقعة وقدمنا اعتذارا للفريق الضيف, وكان لهذا أن يهدئ النفوس المتأججة. كان من الأفضل لنا أن نتصرف بهذه الطريقة بعد أن أظهر لنا الحجر المقذوف والنافذة المكسورة خطورة الشحن الإعلامي للجماهير. ربما لم يكن للاعتراف والاعتذار أن يعفينا من عقوبة الفيفا, ولكنه كان سيحفظ لنا إحساسنا بالكرامة والاستقامة. لم نفعل هذا واخترنا أن نكذب, فكان علينا أن نكون أكثر احترافا في حبك الكذبة. صاحب الكذبة ضيق الأفق لأنه كان مهموما بأن' الليلة تعدي', فلم يسأل نفسه ولم يسأله أحد' وماذا بعد'. قصرنا في الكذب كما قصرنا في حماية فريق الجزائر, فكانت الفضيحة مزدوجة.