ألقت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها تركيا مؤخرا بظلالها علي العلاقات التركية الأوروبية, وبغض النظر عن وصف هذه الاحتجاجات بأنها سياسية أو شعبية. إلا أنها تركت تأثيرا واضحا علي المفاوضات الجارية منذ عقود لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وقد دعا أمس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إلي فتح مرحلة جديدة من مفاوضات انضمام تركيا رسميا لعضويته, لكن بعد صدور تقرير الاتحاد المتعلق بشأن إجراء أنقرة لإصلاحات ديمقراطية, وكانت ألمانيا من بين عدد قليل من الدول التي أعربت عن حذرها بعدما قالت إن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الألماني فيسترفيله وكذلك نظيره النمساوي والهولندي, لكن منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون حاولت التخفيف من تأثير هذه التصريحات حيث أكدت أن مستقبل تركيا مع الاتحاد الأوربي مرهون بإحراز تقدم كبير فيما يتعلق بالعمل الذي يجب إنجازه, في إشارة إلي الإصلاحات الديمقراطية التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي. وأكدت تركيا أنها سترد بقوة علي أي قرار للاتحاد الأوروبي بإلغاء محادثات التفاوض للانضمام للاتحاد غدا, في ظل مرور العلاقات التركية-الألمانية بخلافات دبلوماسية بعد أن صرحت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بأن قمع تركيا للمحتجين أفزعها, حيث صرح الوزير التركي للشئون الأوروبية اغمن باغش في تصريحات لصحيفة سودويتشه تسايتونج الألمانية الصادرة أمس والتي توزع بتركيا أن تركيا لديها خيارات أخري, مضيفا أن هناك احتياجا متبادلا بين الاتحاد وتركيا, وليس من العدل عرقلة فتح فصل مفاوضات جديد, وهو فصل فني, بسبب معوقات سياسية. الاحتجاجات التركية لم تؤثر فقط علي مفاوضات الانضمام, لكنها أثرت علي الداخل الأوروبي, حيث أثار خروج المظاهرات المؤيدة والمضادة لأردوغان جدلا داخليا, أبرزها خروج مواطنين نمساويين من أصول تركية لدعم أردوغان والذي أثار ردود أفعال متباينة علي الصعيد الداخلي بالنمسا حيث طالب رئيس حزب الأحرار اليميني المعارض من المواطنين النمساويين ذوي الأصول التركية العودة إلي تركيا وكذلك طالب رئيس حزب التكتل, وفي المقابل أعرب سكرتير عام حزب الشعب المحافظ عن غضبه لمثل هذه التصريحات متهما رئيس حزب الأحرار بالفهم الناقص للديمقراطية واصفا هذه التصريحات بأنها معادية لحرية التعبير عن الرأي, كذلك أثارت المظاهرات التي خرجت في ألمانيا ضد أردوغان قلقا أمنيا من احتمالات الشغب فيها خاصة وأن ألمانيا بها أكبر عدد من الأتراك في أوروبا. تجدر الإشارة إلي أن محاولات تركيا للانضمام إلي الاتحاد لم تشهد أي تقدم علي مدي نحو ثلاث سنوات بسبب المقاومة الفرنسية والألمانية والتوتر بين تركيا وقبرص التي أصبحت عضوا في الاتحاد الأوروبي, بما يعني أن المفاوضات قد تتوقف في ظل ضرورة موافقة الدول الأعضاء بالإجماع علي الاستمرار في هذه المفاوضات. رابط دائم :