التخلف الحضاري الذي نعاني منه منذ سنين دفع الغرب لأن يصف المسلمين بالإرهاب والتطرف.. شغلنا أنفسنا بالطقوس البالية والقضايا العقيمة مثل لحية الرجل وحجاب المرأة وموائد الرحمن وكل ذلك وضعنا خارج مضمار التقدم.. لا شك في أن جماعات التكفير وبقايا مقاتلي الحرب السوفيتية الأفغانية والفكر الوهابي والحاكمية هي التي غرست بذور الإرهاب بيننا.. الدعاة الجدد حالهم يرثي له.. وهم حفنة من اللصوص سرقوا الناس والمجتمع وأصبحوا من رواد الدرجة الأولي.. أما أنا فمنذ40 عاما أعمل استاذا بجامعة السوربون والأزهر ولم أجمع أموالا مثل عمرو خالد ومصطفي حسني وغيرهما.. وأقول بملء فمي أمريكا تستحق أن تأخذ علي دماغها ولكن ليس بالطريقة الهمجية التي وقعت في أحداث11 سبتمبر... اعترف بأن المنتقبات نموذج للتطرف في السوربون ويمثلن أكبرإاساءة لمسلمي فرنسا بهذه الطلقات المباشرة بدأ الدكتور محمود عزب الأستاذ بجامعة السوربون بفرنسا علي هامش الملتقي الخامس للرابطة العالمية لخريجي الأزهر حواره مع الأهرام المسائي: إلي متي تستمر حالة الخصام بين الإسلام والغرب؟ سؤال طرحه الأهرم المسائي علي مجموعة من العلماء والمفكرين المسلمين بالغرب بحثا عن إجابة واضحة ومحددة تصل بنا في النهاية إلي الوقوف علي الأسباب الحقيقية وراء هذه الحالة من الخصام. الجميع اتفقوا علي مجموعة من الثوابت أهمها أن المسلمين أنفسهم يتحملون الكثير من المسئولية عن ذلك بسبب وقوع العديد من الأحداث الإرهابية تحت عباءتهم ويرون أن الأزهر منوط بلعب دور كبير باعتباره المؤسسة الدينية الوحيدة في العالم التي تتمتع بالوسطية التي تمكنها من تغيير نظرة الغرب للمسلمين. كما يرون أن الدعاة الجددأسهموا في إزكاء نار الفتنة وإفساد عقول الشباب بطرحهم موضوعات بعيدة عن صحيح الإسلام وفتاوي غير دقيقة أوجدت نوعا من البلبلة خاصة لدي المسلمين المقيمين في الخارج الذين تحاصرهم مجموعة من الأحداث المتشددة الملفوظة من مجتمعاتها التي تتحدث باسم الإسلام وتأتي أفعالها متناقضة لكل ما يمت للإسلام بصلة. ويبقي السؤال هل تنجح الجهود الجارية في تغيير الصورة وانهاء حالة الخصام هذا هو السؤال؟ * في البداية سألناه.. بصفتك أستاذا في السوربون كيف تقيم نظرة الغرب للمسلمين؟ ** تعودت أن أرد علي السؤال بسؤال هل الإسلام في بلاد المسلمين في الشرق عنده مشاكل كثيرة أم لا؟ نعم لديه مشاكل كثيرة ومعظمها المسلمون هم الذين افتعلوها. * ماهي هذه المشاكل؟ ** وصف المسلمين بالإرهاب, والتطرف والتشدد والتعصب وهذا جاء من التخلف الحضاري الموجود لدينا منذ سنين ولكن التخلف كما تعتقد العديد من وسائل الإعلام و قصر التخلف علي نقص الامكانات والتكنولوجيا والعلم الحديث هذا خطأ لأننا نستطيع شراء كل ذلك في بلاد الخليج وجزيرة العرب لديهم حضارة أفضل من الموجودة في أوروبا وأمريكا إذا كانت الحضارة هي الطرق المرصوفة ومعامل الكمبيوتر والعمارات الشاهقة. * ماهو السبب في تخلف العالم الإسلامي من وجهة نظرك؟ ** العالم الإسلامي متخلف لأن العلوم الإنسانية فيه مثل الأدب والفلسفة والفقه والشريعة وعلم الأجناس والقانون وتاريخ الأديان والأديان المقارن وعلوم الاجتماع والنفس علوم متخلفة ولا نتقدم فيها أي مليمتر والعالم كل سبقنا فيها نحن بلاد متخلفة علميا وحضاريا ومنذ ربع قرن ونحن مصممون علي الحديث عن الإسلام ليل نهار والاكتفاء بالطقوس التي نطبقها ونختصر الإسلام فيها وهي لحية الرجل وحجاب المرأة وموائد الرحمن وقراءة القرآن في رمضان الإسلام موجود منذ14 قرنا هذا ليس هو الإسلام بمفهومه الحقيقي لأن كثرة الحديث في كل شيء معناه أنه مفرغ من القيم وهذا ليس بصحيح. * وماذا عن وصف الإرهاب الذي ارتبط بنا في الغرب؟ ** نعم فيه إرهاب وبدأ مع حرب الاتحاد السوفيتي مع أفغانستان حيث تركت البلاد الإسلامية والعربية الشباب يذهبون لمقاتلة الاتحاد السوفيتي وبعد انتهاء الحرب عادوا إلينا مقاتلين, بالإضافة إلي ترك الفكر الوهابي وأبوالأعلي المودودي والحاكمية والحكم لله وما يسمي بالحكومة الكافرة أن يخرج. * ما رأيك في موضة الدعاة الجدد؟ ** تقصد بتوع نوادي الدرجة الأولي أمثال عمرو خالد ومصطفي حسني وغيرهم معظمهم أطلق لحيته وأصبح أمير جماعة المشكلة أن الناس تسمع لهم ليل نهار وتم تركهم لمدة20 سنة ينخرون كالسوس في المجتمع. * قاطعته قائلا ما معني دعاة الدرجة الأولي؟ ** أجابني منفعلا دعاة رجال الأعمال الذين سرقوا الناس والمجتمع أو من يسمون بالأغنياء الجدد, فلم يجدوا غير هؤلاء الدعاة الجدد أمثال عمرو خالد ليقولوا لهم إن الإسلام دعم للغني ولكن لم يركز هؤلاء الدعاة علي كيفية الغني أقول ان هؤلاء الدعاة مليارديرات تجار جدعان من الدرجة الأولي. * معني ذلك أن هؤلاء الدعاة يتحدثون علي هوي رجال الأعمال الذين تقصدهم؟ ** نعم يكلموهم بطريقة تعجبهم ويأخذون فلوسا كثيرة منهم.. أنا أستاذ بالجامعة منذ40 سنة وبالخارج ولم أعمل مثلما فعل الدعاة الجددمن المال في هذه الفترة لأن الغني بتاعهم فاحش وغالبا ما يكون غير مشروع والله أعلم وما يفعلونه هو استخدام الدين والدعوة في تحقيق مسائل شخصية وحولوا عقلية الشباب إلي أن الدين يدخل في كل شيء وهذا خطأ وهم لا يعرفون القرآن وتفسيره والحضارة الإسلامية. * ما رأيك في أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ ** هي جاءت نتيجة لتلك الأفكار الخاطئة وأنا أصف هذا بأنه ليس نضالا ولا دفاعا عن الإسلام أمريكا طاغية نعم ولابد أن تأخذ علي رأسها ولكن ليس بهذا الأسلوب الهمجي الذي يضرب الناس الآمنين أيا كانوا. * هل تعتقد أن تلك المبررات التي ذكرتها هي السبب وراء الصورة المغلوطة عن الإسلام؟ ** كل تأكيد لأننا تركنا دستور الخطاب الإسلامي لناس هواة لا يعرفون شيئا وفتحنا لهم القنوات الفضائية حتي يقولون ما يريدون والصورة المأخوذة عن الإسلام في أوروبا من واقع العالم الإسلامي هناك حالة هرج وضعف في الفكر الإسلامي؟ * كيف نواجه ذلك؟ ** لدينا وسائل للقضاء علي ذلك التخلف الموجود في الإسلام, علي سبيل المثال في فرنسا كل عام في ضواحي باريس لدينا مهرجان عالمي للمسلمين في المطار القديم ولا نستطيع استغلاله يأتي شيوخ من بلاد الإسلام وهم متطرفون جدا يحدثون الشباب الفرنسي عن الإسلام بصورة خاطئة!! *قاطعته معني ذلك أنها جمعيات متطرفة؟.. ** أجاب التطرف مش لازم يكون شخصا يمسك قنبلة في يده التطرف عندي في جامعة السوربون أن تأتي طالبة مسلمة مغطاة من رأسها لقدميها وعينيها.. أكبر إساءة للمسلمين الفرنسيين يصورونها ويتحدثون عنها وهذا حقهم هذه البنت مثل المرأة الأجنبية التي تأتي لمصر وتلبس ميكروجيب تجد الناس كلها تنظر إليها لأن هناك نمطا عاما أنت بتكسره وبالتالي البنت المعتدلة لا أحد ينظر إليها في باريس وكذلك تجد ولدا أفغانيا يلبس لبس الأفغان ونعل وقدمه غير نظيفة وسرواله قصير من الأمام وطويل من الخلف هل هذا هو الإسلام, هذا بالإضافة إلي قيام مسلم من أصل جزائري بإلقاء خطبة في المسجد بأن تعدد الزوجات في الإسلام مشروع لأنه مثل الشخص الذي عنده سيارتان عندما تعطل أحدهما يستخدم الأخري. * ماهي الأزمات التي يمر بها العالم الإسلامي؟ ** العالم الإسلامي يمر بأزمة أهم ما فيها فوضي الخطاب الديني99% من الذين يتحدثون في الدين غير مؤهلين لهذا الكلام وغير دارسين بالإضافة إلي أن عددا كبيرا من الدارسين للإسلام لا يعرفون المناهج الحديثة لفهم الإسلام والمناهج الحديثة ليست الغاء للفكر والتاريخ. * ماذا تقول لشباب المسلمين؟ ** أن ينشغلوا بمشاكلهم في بلادهم. * ماذا عن العلمانية؟ ** العلمانية لا يعرفها سوي عدد من المثقفين وهي ليست كفرا هي أن الدولة لا تتدخل في الدين والعلمانية ألا يفرض أحد دينا علي أحد مثلا في فرنسا يستبدل كلمة الأب, الابن, الروح القدس بالحرية والاخاء والمساواة وأن العلمانية في المدارس لا يستطيع شخص ارتداء زي يوضح دين معينا. * معني ذلك أنك تنادي بالعلمانية؟ ** أنا لا أنادي بالعلمانية في مصر ولكن أقول لابد أن يفهمونها المسلمون والعرب حتي يتحدثون عنها يفهمونها ليس معني العلمانية خروجا عن الملة والدين ولا محاربة للدين ولكن هي فصل ا لدين عن الدولة. * هل تصبح مصر في يوم من الأيام دولة علمانية؟ ** لا يمكن في يوم من الأيام أن تكون كذلك ليس من أجل شيء ولكن لأن هناك تاريخا وأنماطا اقتصادية وإجتماعية وثقافية ودينية وأن تاريخ الكنيسة في أوروبا غير تاريخ الإسلام لم يظلم الناس وقهرهم وقام بحرقهم, الكنيسة فعلت ذلك. * ما رأيك في الجماعات التي تستخدم الدين في السياسة مثل الاخوان؟ ** أنا كمسلم لا أنتمي لحزب ضد أي شخص يلعب بالدين من أجل الوصول للسلطة حتي ولو كانت الدولة نفسها لأن الدين قيمة عليا عن السياسة واللعب بها خطر, الرئيس السادات عندما سمح للاخوان القدامي بالرجوع ونمت الجماعات الدينية في عهده هم الذين قتلوه و الاخوان المسلمين حوارهم لا أطلق عليه حوار ا لأن أغلب عناصره مفقودة وأقول للأخوان المسلمين شاركوا في تنمية المجتمع وبطلوا شعارات انني أريد مواطنا مدنيا يحب بلده وهذا قليل لأن جميع أشكال الأحزاب الدينية قائمة علي العولمة والثقافة والتخلي عن السلطة. * الإسلام بقي مشكلة الآن.. لماذا؟ ** لأن الجماعات والإخوان يصرخون أكثر والجرائم الاخلاقية انتشرت والحجاب لم يعد يؤدي للعفة في الواقع ولابد أن يناقش ذلك علماء الاجتماع. * في كلمات قصيرة كيف نقضي علي التطرف والتعصب الذي نصدره؟ ** بإصلاح نظم التعليم والمجتمع والقضاء علي الفقر لأنه أحد عوامل التطرف وعمل كنترول علي وسائل الإعلام. * وماذا عن المد الشيعي الذي تقوم به إيران؟؟ ** إذا تشيع مصري فلابد أن نعرف أن هناك خللا في التركيبة الدينية وهناك خطر في الواقع من المد الشيعي والأزهر وفضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر وعي ذلك جيدا ويعمل علي مواجهة ذلك. * الأزهر الشريف وتحديدا الرابطة العالمية لخريجي الأزهر ماهي جهودها في تصحيح صورة الإسلام في الغرب؟ ** الأزهر والرابطة قاما بمجهودات كبيرة في إشراك علماء الأزهر في جميع دول العالم في نشر وسطية الإسلام واعتداله ومواجهة التطرف والتعصب.