شهدت العلاقات السعودية العراقية توترات سياسية انعكست علي مجمل مجالات التعاون بينهما علي خلفية موقفي البلدين من الأحداث الجارية في سوريا منذ بداية الثورة هناك. فوفقا لتقارير غربية تدعم الحكومة العراقية نظام الرئيس السوري بشار الاسد, فيما تدعم السعودية قوي المعارضة السورية وتزودها بالتمويل والسلاح. بدأت المساعي بتصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي منذ أيام التي أكد فيها سعيه لإعادة ترتيب أوراق بلاده بشأن علاقاتها مع السعودية ورغبته في فتح آفاقها علي مصراعيها, والتعاون في كل المجالات. مشيرا إلي أن هذه هي رغبة العراقيين ورسالتهم إلي الإخوة في السعودية قيادة وشعبا, وقال: نريد العلاقة معهم كإخوة وجيران, وليس لدينا أي طمع في أراضيهم ولا نفطهم, ونريد أن نقضي علي الظاهرة المشاغبة التي كانت في العراق سابقا ضد السعودية, ونحن جادون ونتمني أن نقابل بجدية. المالكي أكد أن ملف السجناء السعوديين سيطوي قريبا, مؤكدا توقيعه علي إطلاق من تجاوزمنهم الحدود, والإفراج عنهم في إطار إجراءات وزارة العدل, مستدركا: ومن ولغ في الدم أمره قضائي لا إجرائي, ونحن نتجه إلي توقيع اتفاق لتبادل السجناء بين البلدين. في الوقت نفسه ترأس وكيل وزارة الداخلية السعودية الدكتور أحمد السالم وفدا أمنيا سعوديا رفيع المستوي إلي العراق أمس للقاء المالكي, ورئيس البرلمان أسامة النجيفي في زيارة تستغرق يوما واحدا لحل الملف قبل شهر رمضان المبارك. مصادر مطلعة وصفت الاجتماع الثنائي الذي جمع الوفد الأمني السعودي ومسئولين عراقيين أمس ب( الناجح جدا), حيث ناقش المجتمعون ملف المعتقلين السعوديين في سجون العراق, وأعربت المصادرعن تفاؤلها بمرحلة جديدة من التعاون الأمني بين البلدين كمقدمة لانفتاح العلاقات بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. بينما أكد محللون أن الهدف من الزيارة إنهاء ملف المعتقلين السعوديين البالغ عددهم60 معتقلا بناء علي الاتفاقية الموقعة من الجانبين لتبادل السجناء المحكومين بعقوبات سالبة الحرية وإكمال محكوميتهم في بلدانهم. كما تتضمن المناقشات ملف المعتقلين المحكوم عليهم بالإعدام وعددهم4 سعوديين والسماح للأسر السعودية بزيارة ذويهم في العراق في حال رغبتهم بعد تأمين الحماية الكافية لهم وتسهيل زيارتهم وإجراءاتهم المتعلقة بالسفر والاهتمام بهم لحين عودتهم. وذكر مصدرمطلع أن هناك مؤشرات كبيرة علي حسم ملف المعتقلين السعوديين والعراقيين تتمثل في وجود قنوات اتصال مفتوحة بين المسؤولين علي أعلي المستويات لمعالجته عكستها الزيارات المتبادلة بين البلدين. من جانبه كشف المشرف علي العلاقات الثنائية والقانونية بالسفارة العراقية في الرياض الدكتور معد العبيدي عن تخفيض حكم الإعدام بحق سجينين سعوديين إلي السجن15 عاما بعد قبول الاستئناف بمحكمة التمييز العراقية, مبينا أن خمسة سعوديين وتسعة عراقيين لن تشملهم اتفاقية تبادل السجناء بين بغداد والرياض; لصدور أحكام بالإعدام بحقهم. وكانت لجنة أمنية عراقية جابت عددا من السجون العراقية لحصر أعداد السعوديين بسجن سوسة بالسليمانية, وسجن بادوش في الموصل, وسجنين في بغداد وسجن الناصرية بجنوب العراق, وذلك قبل الوصول إلي القائمة النهائية للسجناء السعوديين في العراق والذي بلغ عددهم71 سجينا من بينهم خمسة سجناء محكومين بالإعدام. وكشفت قوائم المعتقلين أن غالبية السجناء السعوديين في سجن سوسة بكردستان العراق وعددهم38 سجينا, بينما يحتضن سجن الناصرية13 سجينا, وتوزع البقية في مقرات وسجون عراقية مختلفة, هذا فيما يوجد السجناء العراقيون بعدد من سجون المملكة ويتركز أغلبهم في سجون منطقتي الحدود الشمالية والمنطقة الشرقية. علي صعيد متصل أعلن السفير الأردني لدي المملكة العربية السعودية جمال الشمايلة موافقة قيادتي البلدين علي حسم مشروع الاتفاقية الأمنية المشتركة والمتعلقة بتبادل المحكوم عليهم بعقوبات وأحكام سالبة للحرية,موضحا استفادة260 سجينا بين البلدين الشقيقين. ورجح تفعيل عملية التبادل في وقت قريب بعد الانتهاء من جميع الإجراءات المتعلقة بهم وإخضاعها للتدقيق ومعرفة التهم الموجهة ضدهم والتي علي ضوئها تم اعتقالهم وإيداعهم في السجن.