ماذا يحدث في أمريكا اليوم ؟ حالة من الغليان والقلق والحيرة والترقب وربما الفوبيا أيضا, هناك مخاوف من وقوع المزيد من الهجمات علي أراضي الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد هجوم بوسطن. وسط عدم دقة المعلومات التي يجمعها مكتب التحقيقات الفيدرالي والمخابرات الأمريكية ليتحول الخطر الذي تواجهه واشنطن من الخارج إلي الداخل ولأشخاص يحملون الجنسية الأمريكية تحديدا. يري المراقبون أن تلك الهجمات التي تزايدت عقب هجمات سبتمبر هي أمر طبيعي بعدما قامت واشنطن بهجمات لسنوات عديدة علي تنظيم القاعدة علي الحدود الباكستانية الأفغانية وفي اليمن والصومال في محاولة لتفكيكه ليتحول التنظيم إلي عدو لدود, وعدوي انتشرت في العديد من مناطق الصراع في العالم. ويتحدث الكثير من المتشائمين داخل واشنطن عن الاتجاه لتزايد تلك الهجمات, ويري آخرون أن واشنطن استوردت في الآونة الأخيرة ما اسموه الإسلام الراديكالي ويدعي هذا الفريق أن أولئك المتطرفين معظمهم يأتون من داخل الولاياتالمتحدة وهم الجيل الثاني من أبناء المهاجرين من دول الشرق الأوسط. ومنذ عام2003 حتي عام2012, قبلت الولاياتالمتحدة نحو1.3 مليون مهاجر شرعي من البلدان ذات الأغلبية المسلمة وأصبح نحو850 ألف شخص من تلك البلدان مواطنين أمريكيين, وذلك وفقا لأحدث إحصاءات إدارة شئون الأمن الوطني الأمريكي. وهناك حالة من الفوبيا أو الخوف تعصف بالأمريكيين لدرجة أنهم يرصدون أعداد المسلمين في المساجد الأمريكية والتي وجدوا أنها في تصاعد مستمر حتي أن البعض ممن أصابهم الهوس يهذون بأن واشنطن تتجه نحو الأسلمة. وتقدر إحدي الدراسات الأمريكية الحديثة نمو أعداد المترددين علي المساجد الأمريكية من نصف مليون في عام1994 حتي مليونين و600 ألف في عام2011, مؤكدة أن ذلك يعود إلي ارتفاع أعداد المواليد المسلمين داخل واشنطن. يساور هذا الخوف الأمريكيين رغم أن الغالبية العظمي من المسلمين الأمريكيين لا تظهر دعمها للجهاد, كما أن87% من آئمة المساجد لا يتفقون مع التأكيدات بأن التطرف يتزايد بين الشباب المسلم, كما أن هناك نسبة صغيرة فقط من المساجد في أمريكا تتبع النهج السلفي. وتشير خدمة أبحاث الكونجرس إلي أنه كان هناك أكثر من40 مؤامرة لتنفيذ هجمات داخل أمريكا خلال الأربع سنوات الماضية. ويري البروفيسور تشارلز كورزمان صاحب دراسة( الإرهاب داخل أمريكا( أن الجهاد داخل الولاياتالمتحدة يتراجع, مؤكدا أن تفجيرات بوسطن كانت مجرد استثناء, ولكنها أمر يدعو للقلق. ويفتح لجوء المشتبه به في تفجيرات بوسطن إلي أمريكا خوفا من الاضطهاد في بلده الأصلي الشيشان الباب علي مصراعيه في واشنطن اليوم لتشديد قواعد اللجوء السياسي بينما يبحث الكونجرس إصلاح نظام الهجرة, وسط دعوات لتقليل الهجرة من البلدان التي تكن كراهية لواشنطن حيث يتصاعد القلق داخل واشنطن من ارتباط الهجرة بمحاولات الانتقام من واشنطن. ما جناه الأمريكيون من إرث الرئيس الامريكي السابق جورج بوش عقب غزوه للعراق وأفغانستان, الي جانب تدخل أمريكا تحت المظلة الإنسانية وما تبعه من مقتل السفير الأمريكي في بنغازي يجعلهم اليوم يرفضون التدخل الأمريكي المباشر في سوريا رغم وقوع إيران عدو واشنطن اللدو في المصيدة السورية, فهناك دعم أمريكي للثوار السوريين تحدثت عنه مجلة فورين بوليسي الأمريكية في عددها الأخير من خلال مد أكثر المعارضين قوة ونجاحا بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية إلا أنها تؤخر قدمها عن الغوص في مستنقع جديد وكراهية جديدة من جانب مسلمو الشرق الأوسط من خلال التدخل المباشر. وبعيدا عن الخارج فما هو سيناريو المواجهة للأعمال الإرهابية علي الأراضي الأمريكية؟ لقد استخدمت واشنطن الطائرات بدون طيار لاغتيال4 مواطنين أمريكيين خارج أراضيها أشهرهم الإمام اليمني الأصل أنور العوالقي والأمريكي الجنسية, واليوم يتحول شعار أوباما( نعم نستطيع) إلي تأكيد غريب من نوعه لمخالفة الدستور والقوانين الأمريكية لاستهداف المواطنين الأمريكيين علي الأراضي الأمريكية ومن خلال الطائرات بدون طيار في حالات استثنائية علي غرار هجمات11 سبتمبر, فهل تستوعب أمريكا دروس الماضي التي تبرهن علي أن العنف لا يولد إلا العنف, وأن ما أطلقته واشنطن في عهد بوش تحت مسمي الحرب علي الإرهاب لم يولد إلا المزيد من الإرهاب والكراهية لواشنطن حتي علي أراضيها ؟