حالة من الألم تعتصر قلوب فلاحي الدقهلية الذين اختلطت قطرات عرقهم بتراب الأرض عندما يستيقظون كل صباح ليفاجئوا بتقلص الرقعة الزراعية وانحسار اللون الأخضر في الدقهلية قلب الدلتا ليحل محله الطوب الأسمنت والحديد. حيث استغل البعض حالة الفراغ الأمني وانشغال الجهات المختصة وجميع فئات الشعب المصري بالأحداث المتتالية التي تشهدها البلاد منذ ثورة25 يناير للتعدي علي الأرض الزراعية التي هي أساس الثروة الغذائية للدولة بأسرها. ويقول الدكتور زيدان شهاب الدين بمركز البحوث الزراعية إن وزارة الزراعة أعلنت أخيرا أن إجمالي حجم التعديات علي الأراضي الزراعية بالوادي والدلتا حتي الآن بلغت نحو29 ألفا و486 فدانا بإجمالي عدد حالات ما يقرب من700 ألف حالة, مؤكدا أن التعديات بالدقهلية وصلت إلي64 ألف حالة. وأضاف أن علي مجلس الوزراء دراسة اقتراحات وزارة الزراعة لمواجهة التعديات علي الأراضي الزراعية, والتي تشمل تشديد العقوبات, وإصدار قانون جديد لتجريم البناء أو انتزاع الملكية من كل المتعدين, وإعادة الأرض إلي ملكية الدولة كإجراء استثنائي لردع المخالفين. ويقول صلاح أبو العينين وكيل المجلس المحلي الأسبق إن فساد المحليات وضعف العمل في الأجهزة التنفيذية فضلا عن ضعف أجهزة الرقابة وآلياتها والانفلات الأمني يتسبب في استمرار ظاهرة التعدي علي الأراضي الزراعية وقلة الأراضي المخصصة للبناء مع تزايد التعداد السكاني وإقبال الشباب علي الزواج أسهم بدور كبير في انتشار ظاهرة التعدي علي الأراضي الزراعية. وانتقد أبو العينين طرق التعامل مع الأراضي المبور, مما نجم عنه تبوير21 ألف فدان موضحا أن معدل التعديات علي الأراضي يرتفع خلال فترات الانتخابات البرلمانية والرئاسية, استغلالا للوعود الانتخابية بحل مشكلات مخالفات التعديات, سواء بتشريعات برلمانية أو قرارات وزارية, بالإضافة إلي استغلال الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد لاستمرار التعدي علي الأرض الزراعية, الذي يجني صاحبه أرباحا خيالية من تحويلها إلي مبان. ويقول عبد الجواد سويلم مهندس زراعي إن عمليات الإزالة والهدم تتسبب في ضياع جزء كبير من الثروة القومية التي استهلكت منها مواد البناء, مما يزيد من الإهدار الاقتصادي الذي ينتج عن تنفيذ قرارات الإزالة والتي تكبد الفلاحين خسائر فادحة الأمر الذي يؤدي إلي خلق احتقان بين الأجهزة الأمنية والمواطنين, بالإضافة إلي أنه بعد تنفيذ قرارات الإزالة لا تصلح الأراضي للزراعة مرة أخري. فيما أكد اللواء صلاح المعداوي محافظ الدقهلية أن وزارة الزراعة متمثلة في مديرية الزراعة تتابع القانون الجديد الخاص بتغليظ العقوبات علي التعديات علي أراضي الدولة, ومن المنتظر إقراره من مجلس الشوري, وبالتالي يستهدف الحفاظ علي الأراضي الزراعية في الدلتا ووادي النيل, مشيرا إلي أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية حيال التعديات التي تقع علي الأراضي الزراعية فور وقوعها بتطبيق القانون وتحرير محاضر للمخالفين, وإخطار أجهزة الشرطة بالمحافظات لتحريك الدعاوي القضائية ضد المخالفين. فيما أكد أنور سالم وكيل وزارة الزراعة أن المديرية تقوم بمتابعة التعديات بالمحافظات بإعداد برنامج زمني لإزالة التعديات علي الأراضي الزراعية علي مستوي المحافظة موضحا أنه يعمل علي سرعة استصدار قرارات الإزالة وتنفيذها قبل تطور المخالفة. وأكد عز الدين أحمد نقيب الفلاحين خطورة التهاون في التعامل مع المتعدين علي الأراضي الزراعية مضيفا بأنه ليس هناك جهة تتصدي لتلك التعديات حتي الآن نظرا لعدم استقرار الأوضاع في البلاد. رابط دائم :