مرت الذكري الثلاثون لوفاة أحد عمالقة السينما في تاريخها القصير, انه هيتشكوك ساحر التشويق ومطور السرد السينمائي وصاحب مدرسة خاصة في عالم سينما التشويق ولد السير الفريد جوزيف هيتشكوك بمدينة ليتونستون الانجليزية في الثالث عشر من شهر اغسطس سنة1899 وتوفي بمدينة لوس انجلوس الامريكية في التاسع والعشرين من شهر ابريل سنة1980 بعد دراسات في الهندسة التحق الفريد هيتشكوك بشركة التلغراف هانلي في سنة1920 ثم عمل لدي شركة السينما لاسكي بلندن, الفرع الانجليزي لشركة بارامونت حيث تخصص في تصميم عناوين الأفلام الصامتة, مما مكنته من التعرف بسرعة علي مختلف مهن السينما. بدأت اولي تجاربه السينمائية سنة1922 حين أخرج فيلم رقم13 الذي لم يتممه, غير أن اول انجازاته السينمائية الحقيقية كانت بفيلم حديقة المتعة(1925). وسرعان ما عرف عنه اسلوبه الفني ومواضيعه المفضلة لديه خصوصا المتهم البريء او المشتبه فيه خطأ وهو ما تبدي بجلاء في أفلام النزيل(1926) والابتزاز(1929). قبيل الحرب العالمية الثانية اصبح الفريد هيتشكوك مخرجا ذائع الصيت يحظي بشهرة عالمية, فدعاه المنتج الامريكي دافيد سيلزنيك إلي هوليود التي استقر بها, ليحظي اول افلام هذه الحقبة الامريكية ريبيكا(1940) النجاح الباهر, وليتبع ذلك بالانجازات تلو الأخري كان منها فيلم الشك(1941) و ظل الشك(1943) و منزل الدكتور ادواردز(1945)( وهو الفيلم الذي نقل عنه كمال الشيخ فيلم المنزل رقم13 وسيئة السمعة(1946). وعلي خلاف العديد من السينمائيين, كان سعي هيتشكوك قبل كل شيء هو محاولة اغواء جمهوره ومفاجآئه في كل لحظة من لحظات قصته, كما كان يحب التلاعب به ليجعل منه جزءا لا يتجزأ من الألغاز المتداخلة التي ميزت افلامه, فصار بذلك سيد الإثارة بلا منازع, وكانت سينما هيتشكوك هي سينما السيطرة علي المتفرج, فلا تجعله يشعر بالملل, حتي لو كان موضوع الفيلم لا يهمه, لأن غير المحب لموضوعات سينما هيتشكوك كان ينجذب لاسلوبه التقني المستخدم في سرد وقائع فيلمه, هذا بالإضافة للسيناريو المحكم الذي لم يكن يترك اي شيء للصدفة. وبعد الفشل التجاري الذي عرفه فيلم الحبل(1948) والذي مال به أكثر إلي التجريب, حيث صور الفيلم كله بدون مونتاج بأسلوب اللقطة المشهدية(oneshot) عاد آلفريد هيتشكوك إلي أسلوبه التقليدي الذي يعتمد علي الإثارة والتشويق وذلك بإخراجه غريبان في قطار الشمال(1951) وأطلب رقم التليفون لتتم جريمة القتل(1954) قبل ان يوقع سنة1956 علي صيغة جديدة بعيدة عن الصيغة الاصلية من خلال فيلمه الرجل الذي عرف أكثر من اللازم. واعتبرت سنوات الخمسينيات والستينيات فترة خصوبة في حياة هيتشكوك الفنية اخرج خلالها روائع من قبيل النافذة الخلفية(1954) الدوار او العرق البارد(1958), شمالا علي طريق الشمال الغربي(1959), نفوس معقدة(1960) والطيور(1963). وجدير بالذكر ان النجاح الذي عرفته افلام ألفريد هيتشكوك يعود الفضل فيه ايضا إلي حسن اختيار ممثليه فقد عرف جيمس ستيوارت وكاري جرانت وكريس كيلي و اخرون كيف يقدمون هذه الأفلام علي الشاشة ويمنحونها ما تستحق من فخامة تماما كما كان للموسيقار بيرنار هيرمان, بدءا من سنة1957 الدور الحاسم في ما نالته افلام هيتشكوك من شهرة بانجاز مقاطع موسيقية متناسقة مع المؤثرات التي ابتغاها المخرج. اما النصف الثاني من سنوات الستينيات فميزته نجاحات جديدة لألفريد هيتشكوك من أفلام مثل مارني(1964), الستار الممزق(1966), قبل ان يعود سنة1972 لإنجلترا بعد ثلاثين سنة من العمل في الولاياتالمتحدةالامريكية ليخرج فيلم جنون وليختم مسيرته السينمائية الغنية سنة1976 بفيلم مؤامرة عائلية فارضا بذلك نفسه, بفضل مجموعة أفلامه التي بلغت خمسا وخمسين فيلما, كمخرج التشويق والرعب بلا منازع والمنوم المغناطيسي للمتفرج بصالة العرض. [email protected]