في كتابه البحر المتوسط: المجال والتاريخ كتب المؤرخ الفرنسي فرنان بردويل الذي ترجمه للعربية يوسف شلبي: لا يزال النجارون يبنون اليوم قوارب للصيد شبيهة بما كانت عليه بالأمس. ولا نزال عندما ننظر إليها نشعر أننا خارج الزمن, ولو كتب بردويل عن مصر الآن لقال إن مشايخ القنوات الدينية يتعاملون مع الترددات عالية الفبركة والتناقض بذاكرة قريش. ولو افترضنا أننا نتعامل مع أولئك الذين يحتلون منابر الإعلام المسمي بالديني من عيادة للطب النفسي سنجد من يتحدثون عن المتأسلمين سياسيا يعانون من حمي التاريخ واضطرابات هذيان الفبركة وهلوسة الدفاع في الحق والباطل, وسنجد إصابتهم بتلك الأمراض مزمنة ومستعصية لأنهم يكسبونها غطاء دينيا يعتمد علي ثابت الكتاب وصحيح السنة وما بينهما تأويلات لا علاقة لها بهما معا لأنها من نسيج أهوائهم السياسية الباطلة التي يلبسونها بالحق تقديرا مزيفا ومصداقية أتلفها هوي الباحثين عن السلطة وتشويه الغير. وفي تأويل مختلف السنة لابن قتيبة نجد ما قاله قاضي البصرة عبيد الله بن الحسن: كل ما جاء به القرآن حق, ويدل علي الاختلاف, فالقول بالقدر صحيح وله أصل في الكتاب والقول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب وكل من سمي الزاني كافرا فقد أصاب, وكل من سماه مؤمنا فهو صحيح ومن قال هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب ومن قال هو كافر مشرك فقد أصاب فهناك من النصوص ما يدل علي كل تلك المعاني. استرجع تلك الكلمات نقلا عن كتاب المفكر السوري إبراهيم محمود الفتنة المقدسة.. عقلية التخاصم في الدولة العربية الإسلامية بعد أن تابعت مقطع فيديو لأحد صغار مشايخ الفضائيات الدينية وهو يتساءل: لماذا لا تشتري قطر مصر ويبرر فعله الفاضح بأن هذا الشراء نوع من توحد الوطن العربي الإسلامي كله الذي يراه يؤرق مضاجع الماسون والخونة والعملاء الذين وصفهم بأنهم يريدون تبادل العلاقات مع الشيوعي والكيان الصهيوني المحتل للأرض والمغتصب للعرض, ولا يريدون هذا التبادل لقطر أو أي دولة عربية أخري في مزاده السياسي الفاسد بغطاء ديني تغلفه ذاكرة قريش. الرجل يقدم من ذاكرته ما يدل علي ما يقول ويفند بالنص حسب هواه كل موقف معارض دون إقناع أو اقتناع بمن هو الذي يطبع العلاقات ويتبادلها مع الكيان الصهيوني حتي ولو كانوا من الإسلاميين في أولي تجاربهم مع السلطة في تبيان واضح لأولي القول المختلف الذي يترجم فجور التخاصم. وفي ذلك تراه يصف من يرفضون رأيه وقوله بأنهم من أصحاب إعلام الكباريهات لا لشيء إلا لأنهم يبطلون مفعول فتنته ويكشفون فساد أدلته وفبركته المغطاة بنصوص يفسرها علي هواه وحسب عقد عمله كراقصة هاوية في كباريهات قنواته الليلية! [email protected] رابط دائم :