قدم أوركسترا أوبرا القاهرة حفل جالا كونسيرت من الأوبرات التشيكية لاثنين من أبرز المؤلفين التشيك الرومانتيكيين في القرن التاسع عشر وهما بيدريش سميتانا وانطونين دفورجاك واللذان عرف كل منهما بأسلوبه القومي وتأثيره من خلال مؤلفاته علي النزوح بتلك الأعمال خارج نطاق وطنه باستغلال الموروثات الشعبية من أغنيات وإيقاعات بوهيمية ومزجها بالكتابة الأوركسترالية البوليفونية ليخرجا لنا أعمالا إبداعية مميزة بالروح التشيكية. وكان البرنامج يحتوي علي آريات( أغنيات) لاثنتين من أهم وأشهر الأوبرات التشيكية وهما أوبرا العروس المباعة لسميتانا وروسالكا لدفورجاك.. وكان أكثر ما يميز هذا العرض هو المغنيون السوليست التشيك الذين وضعوا بصماتهم علي هذا الحفل وخاصة السوبرانو لوسي هايكوفا والتي تمتاز بصوت عذب وسلس وخاصة في التحرك فيما بين المساحات الصوتية الحادة والمنخفضة والتباين بينهما بكل سهولة ويسر مع أداء الجمل اللحنية الطويلة والأداء الاحترافي الاستعراضي لإمكانيات الصوت للأجزاء الحرة الكادينزا والتي تعبر عن براعة المغني.. كما عبرت دراميا ببراعة عن محتوي القصة مما جعل الحضور متشوقين لمزيد من وجودها علي المسرح نتيجة لاستمتاع الجمهور بهذه الحالة الفنية, فهي تمتاز بلون غنائي فريد وحضور جم.. ويذكر أن هايكوفا فازت بمجموعة من الجوائز في عدة مسابقات دولية.. وقد تألقت بأداء مجموعة من الآريات بمفردها( صولو) وأيضا في شكل ثنائي( دويتو) مع سوليست مسرح جنوب بوهيميا التينور اليس فوراسيك. كما شارك في الحفل سوليست أوبرا براج مغني الباص لوكاس كرامير والسوبرانو المصرية المتميزة مني رفلة بقيادة المايسترو التشيكي الشاب ييري بتردليك الذي استطاع أن يسيطر علي أداء الأوركسترا بتمكنه من ربرتوار الأعمال التشيكية للمبدعين من أبناء وطنه.. فرغم صعوبة هذه الأوبرات سواء في تبادل الألحان وانتقالها فيما بين مجموعات الآلات المختلفة الوتريات والنفخ ووجود الأصوات الغنائية, أو في استخدام الإيقاعات المميزة للموسيقي الشعبية التشيكية إلا أنه لديه الخبرة في إحكام السيطرة علي عازفي الأوركسترا لخروج الحفل بمستوي فني جيد مع الأخذ في الاعتبار أنه يقود هذا الأوركسترا لأول مرة.. كما نري أن الأوركسترا في بعض الأجزاء كانت تنقصه المبالغة في الكنتراست( الاختلاف) فيما بين قوة الأداء وضعفه حيث لم تتم مراعاة هذا التوازن وبالأخص مع وجود الأصوات الغنائية التي طمس جمالها في بعض الأحيان نظرا لارتفاع صوت الأوركسترا عن المستوي المطلوب. وقد بدأ الحفل بافتتاحية من أوبرا العروس المباعة التي تتميز بألحانها الجميلة في سرعة وحيوية من جميع آلات الأوركسترا التي تتبادل الألحان المنفردة فيما بينها مما يضفي عليها صعوبات تكنيكية, وتكرر التيمة اللحنية الأساسية عدة مرات حتي تختتم بقوة.. أيضا انتهي الجزء الأول من الحفل بموسيقي لرقصة فيوريانت من الفصل الثاني ولاقت إقبالا جماهيريا لعذوبة ألحانهاالشعبية المميزة.. ومن أجمل الآريات التي قدمت كانت الثنائية بين التينور والباص من أوبرا العروس المباعة والتي تألقا فيها معا وخاصة في الجزء الراقص في الختام.. كما كانت الاختيارات من أوبرا روسالكا ناجحة ومعبرة للمغنيتين السوبرانو وأيضا التريو( الثلاثية) ختام الحفل بين السوبرانو والتينور والباص مع دخول مغني الباص من مكان مرتفع بجوار الجمهور جذب إليه الانتباه.. وختم العرض بتوزيع باقات من الزهور علي كل من المغنيين السوليست وقائد الأوركسترا وسط تصفيق حاد وتشجيع من الجمهور الحضور. وتعتبر الأوبراتان محور العرض من أجمل الألحان التشيكية ولهما شهرة عالمية في جميع الأوساط الفنية.. إلا أن معظم هذه الأعمال يقدمها أوركسترا الأوبرا لأول مرة رغم أن هذا الأوركسترا هو المسئول عن مصاحبة الأوبرا والباليه وهذا يعني أن ربرتوار( قائمة أعمال) الأوركسترا لا يندرج تحتها مثل هذه المؤلفات المهمة علما بأن عمر هذا الأوركسترا يقترب من العشرين عاما, أي أن الأوركسترا يقوم بتكرار مجموعة صغيرة من الروبورتوار العالمي سواء للأوبرا أو الباليه في قائمته طيلة هذه السنوات بلا تغيير.. وربما رغم جمال تلك الأعمال إلا أن الجمهور في احتياج للتنوع والتجديد المستمر بدلا من هذا التكرار الممل.. مع الأخذ في الاعتبار تطوير المستوي الفني للعازفين وللأوركسترا باختيار مؤلفات جذابة من الأعمال العالمية تكسب الأوركسترا مزيدا من الخبرة وتعمل علي استقطاب الجمهور من الداخل والخارج. رابط دائم :