أتصور أن اليوم الذي سيأكل فيه العالم قمامته لم يعد بعيدا. فبعد الكشف عن خلط لحوم الخيل بلحوم البقر في دول الاتحاد الأوروبي, رغم الإجراءات الصارمة المتبعة هناك لتأمين وجبات صحية سليمة خالية من أي غش, احتراما لحق المستهلك ولآدميته وحرصا علي الصحة العامة وخوفا من دفع تعويضات للمتضررين من الغش وانتشار الأمراض الغريبة. وبعد فضيحة تفشي مرض جنون البقر في قطعان الماشية في بريطانيا قبل سنوات التي أرعبت أوروبا والعالم والتي جاءت نتيجة لاستخدام أعلاف حيوانية من مخلفات المجازر, والتطور الأبرز بعدها من انتقال المرض من الحيوان إلي الإنسان. وبعد كثير من الموضوعات والتقارير الصحفية التي نشرت في مصر عن اللحوم المصنعة( اللانشون والسجق واللحوم المفرومة وغيرها) وخلطها بلحوم الحيوانات النافقة, فضلا عما هو معروف من خلطها بفول الصويا واللحوم المستوردة المنتهية الصلاحية لتوفير منتج رخيص الثمن بصرف النظر عما قد يسببه من أمراض خطيرة.. لم يعد هناك أمان, ولم تعد هناك ضمانات تطمئن المستهلك لطبيعة اللحوم التي يأكلها خاصة المصنعة منها. خلصت دراسة جديدة نشرت أمس في عدد من الصحف العالمية إلي أن ثلثي أكلات الهامبرجر والنقانق المعروضة في جنوب إفريقيا تحتوي علي لحم حمير وجواميس مائية ومكونات أخري غير معتادة! الاختبارات التي أجرتها جامعة ستيلينبوش كانت مقررة من قبل تفجر فضيحة لحوم الخيل في أوروبا والتي أثارت مخاوف دولية من المخاطر الصحية التي قد تنشأ عن استهلاكها من خلال شبكة معقدة وضبابية لتوريد اللحوم. الباحث لو هوفمان الذي يعمل في قسم علوم الحيوان في الجامعة التي أجرت أفاد الدراسة أن الدراسة تؤكد ان وضع مواصفات مغايرة للحقيقة علي منتجات اللحوم هو شيء شائع في جنوب أفريقيا وهو لا ينتهك فقط لوائح بطاقات التعريف علي المنتجات الغذائية بل له آثار اقتصادية ودينية واخلاقية وصحية, وعثر علي فول الصويا ولحوم حمير وماعز وجاموس مائي ومواد نباتية في نحو68 في المائة من بين139 منتجا من اللحم المفروم وقطع البيرجر واللحوم المعلبة والنقانق واللحم المجفف اختبرتها الجامعة. مثل هذه الدراسات تنشر علي استحياء من وقت لآخر, وتكشف مدي انعدام الضمير لدي كثير من منتجي اللحوم المصنعة في كل دول العالم مهما كانت درجة تحضرها.. وهو ما يعني أنه بات علينا أن نقاطع هذه المنتجات نهائيا ولو أدي الأمر إلي مقاطعة اللحوم نفسها.. حتي لا نفاجأ يوما بأن طعامنا معاد تصنيعه من القمامة.