أيام ويختار الصحفيون نقيبهم الجديد ومعه ستة من أعضاء مجلس نقابتهم, وأرجو أن تجتمع كلمة الصحفيين علي من يمثلهم بشكل جيد وتبني مشكلاتهم, وفي مقدمتها أجورهم المتدنية ومعاشاتهم التي لا تكفي مقابل الدواء, وأيضا قضية إحالتهم إلي التقاعد في سن الخامسة والستين, بدلا من سن الستين, فبالرغم من أن الصحفي مطالب بالدفاع عن حقوق الغير إلا أنه لا يجد من يدافع عن حقوقه. فبوصولي إلي سن الستين اكتشفت كم كنا مغفلين, ولا تتعجبوا من ذلك, فالمغفل هو من يري حقوقه مسروقة أو منهوبة, ولا يعترض أو يفعل شيئا, ويرضي بالفتات, اكتشفت يا سادة كم كنت أنا وأمثالي مسروقين, ومنهوبين ومضحوكا علينا من رؤسائنا وقادتنا وحكامنا, وإننا لم نكن بالنسبة لهم سوي تروس في آلات تعمل, وحتي إذا انتهي عمرها الافتراضي, تم التخلص منها وإلقاؤها في أكوام الخردة. وها هو اليوم قد أتي لأكون أنا وزملائي في مهنة الصحافة من خيول الحكومة, أو بمعني أصح من خيول الصحافة, ورغم أن الحكومة لم تطلق علينا رصاصة الرحمة, فقد أجازت لنا المد إلي سن الخامسة والستين, والاستفادة من خبراتنا, وللأسف من يطلقون علينا الرصاص زملاء لنا, شاء لهم القدر أن يكونوا هم رؤساء التحرير أو رؤساء مجالس إدارات الصحف, فراحوا بدلا من تكريمنا يعرضوننا للمهانة, والقتل الرحيم, بعدم التجديد, رغم أن نقابة الصحفيين قررت في15 11 2011 الالتزام بتوصية الجمعية العمومية في19 مارس1993 بعدم إحالة الصحفي إلي المعاش حتي سن الخامسة والستين. اكتشفت كم كنا سذجا, يوم كنا نري حقوقنا منقوصة ولم ندافع عن تلك الحقوق, اكتشفت كم هي ظالمة تلك الحكومات التي تسرق عمالها, وتتركهم يعملون في ظل ظروف عمل قاسية, يقضون زهرة العمر عاملين منتجين, رغم كل هذا الظلم, وعندما يصلون إلي سن التقاعد يكتشفون أن هناك ظلما أكبر وأكثر مدي وطغيانا ينتظرهم, وهو أنهم لا يتقاضون معاشا, وإنما يتقاضون بدل شحاتة وهذا هو الوصف الصحيح لذلك المعاش الذي يحصل عليه العامل المصري بعد أكثر من ثلاثين عاما من العمل الشاق والمضني, في ظل أجور متدنية, ورعاية صحية واجتماعية وهمية. أعود إلي خيول الصحافة الذين طالما دافعوا عن حقوق الناس وقضاياهم, وهم الآن لا يجدون من يدافع عنهم, ولا حتي بين زملائهم الذين شاءت حظوظهم أن يتولوا مناصب قيادية, الذين راحوا يتعللون بالميزانيات, والموارد والمصاريف, في الوقت الذي يعلمون فيه جيدا, أن بعض القادة في المؤسسات الصحفية, وليست القومية وحدها يتقاضون في الشهر الواحد, ما يتقاضاه بعض الزملاء أصحاب الكفاءة والخبرة والمهارة طوال سنوات عملهم كلهم. هذه حقيقة وليست مبالغة عشناها طويلا, وكم كنا حمقي ومغفلين, يوم تركناهم يفعلون ذلك, ويوم سمحنا لهم أن يسرقونا, ولكنها كانت سمة العصر, ونظاما وضعه أبو الفساد الذي كان يحكمنا, حيث أراد أن يشتري ذمم وضمائر وولاء رؤساء التحرير ومجالس الإدارات, حتي يكونوا أدوات وأبواقا له, فترك لهم الحبل علي الغارب, يغرفون من أموال المؤسسات كما يحلو لهم, ولكن للحقيقة, لم أر أيا من رؤساء تحرير هذا العهد البائد يطلق رصاصة الرحمة علي صحفي زميل لهم, بل كانوا كرماء, واكتفوا بما يحصلون عليه, وتركوا من يقدر علي العمل يواصل العطاء والانتاج. أنا لست متحيزا لجيلي من الستينيين, ولست ضد أن يأخذ جيل الشباب من الصحفيين فرصته في القيادة وتولي المسئولية, ولكنني ضد أن نتعامل مع الصحفيين أصحاب الخبرات والمهارات, الذين أفنوا أعمارهم في صحفهم, وفي الدفاع عن الحقوق, وتعرضوا للعسف والظلم, مقابل مرتبات زهيدة, أن يعاملوا معاملة خيل الحكومة مع الأخذ في الاعتبار أن الصحافة مهنة تكتسب فيها الخبرات بالتقادم وتراكم الخبرة, ونحن في مهنة الصحافة أحوج ما نكون إلي جيل من الأساتذة لتعليم الشباب وإكسابهم الخبرة, خاصة ونحن لا نعتمد علي كليات الإعلام وأقسام الصحافة في سد حاجات المؤسسات الصحفية, وإنما يعمل بالصحافة كل الخريجين, ولا أعرف لماذا لا نتساوي في أمر المعاش مع القضاة وأساتذة الجامعات, وإذا كنتم تريدون لنا أن نتواري فلماذا لا ترفع معاشاتنا حتي تكون معاشات آدمية أسوة بما فعله مجلس الشوري مؤخرا من رفع معاشات العسكريين؟!! رابط دائم :