أجمع الخبراء والمصرفيون أسباب زيادة حجم السيولة النقدية المتاحة في السوق للتداول إلي عدة عوامل رئيسية لعل أهمها هو التوسع في منح القروض والائتمان للشركات والأفراد في استجابة لمطالب البنك المركزي بضرورة استغلال الودائع والموجودات النقدية المتاحة بالقطاع المصرفي وذلك لاستئناف دوران رأس المال العامل في السوق, بالتزامن مع الطروحات المستمرة لإذون الخزانة التي تقوم بها وزارة المالية لسد الفجوة التمويلية وتلبية إحتياجات المواطن المصري, وأوضح الخبراء أن زيادة النقود المتداولة ماهو إلانتاج لتناقص الودائع المصرفية المتواجدة لدي البنوك, بالتزامن مع إقبال المواطنين علي سحب مدخراتهم من البنوك نتيجة تنامي المخاوف من عدم وفاء القطاع المصرفي بمستحقات العملاء لديه, بالإضافة إلي ندرة التعامل بالشيكات المصرفية بسبب تراجع ثقة المتعاملين في التعامل بالشيكات وهو مادفع المتعاملين للجوء إلي التعامل النقدي في كافة المعاملات التجارية. في البداية أشار الدكتور إبراهيم الشاذلي الخبير الاقتصادي إلي أن زيادة حجم السيولة النقدية ليس مؤشرا إيجابيا كما يعتقد البعض وإنما هو مؤشر يوضح تراجع حجم الإنتاج وقصور واضح في الجهاز الإنتاجي المحلي وهو ما يؤدي بدوره إلي إرتفاع حجم الطلب علي السلع مع ندرة وجودها مما يعني إرتفاع معدل التضخم لمستويات غير مسبوقة, وهو ماحدث بالفعل في العراق والسودان وأضاف الشاذلي أن من أهم العوامل التي أدت إلي زيادة السيولة النقدية في السوق المحلية هو توقف عجلة الإنتاج وزيادة الرواتب بالإضافة إلي منح القروض للأفراد والشركات بهدف تنشيط الحركة الإنتاجية, علاوة علي مخاوف المواطنين من تحويل السيولة إلي أصول يصعب التصرف فيها نتيجة لحالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد. واتفق مع الرأي السابق الدكتور صفوت حميدة أستاذ التأمين بأكاديمية السادات موضحا أن تزايد السيولة مؤشر سلبي علي حجم الإنتاج خاصة في ظل إحجام المواطنين عن الإستثمار بمختلف أنواعه سواء كان في بورصة الأورق المالية أو في المشروعات المباشرة وهو ماانعكس بوضوح علي تزايد المعروض النقدي في السوق. وأضاف أن تلك الزيادة تؤكد أن معدل دوران رأس المال للصناعة المحلية مستمر في التراجع ولاتوجد الأدوات الإستثمارية الجاذبة لرؤوس الأموال ومن ثم فإن حجم السيولة المتاحة سرعان ماستتآكل نتيجة لارتفاع معدل التضخم. وأوضح حميدة أن زيادة السيولة تؤكد أيضا قيام الجهاز المركزي بطباعة النقود دون وجود غطاء نقدي يقابل تلك المطبوعات وهو ماظهر بالفعل في تراجع قيمة الجنيه المصري أمام سلة العملات الأجنبية وأهمها الدولار, في إشارة واضحة الي تراجع القدرة الشرائية للجنيه المصري ومن ثم فإن زيادة السيولة دون إعادة النظر في خلق مشروعات اقتصادية تعمل علي إستغلال تلك السيولة وتحويلها إلي منتج محلي يمكن تصديره سيؤدي إلي تفاقم خسارة الجنيه المصري مقابل العملات الأخري. من جانبه أكد أحمد آدم الخبير المصرفي أن زيادة المعروض من السيولة النقدية يؤكد عدم قدرة الحكومة علي إتخاذ الخطوات الصحيحة لإدارة السياسة النقدية, مشيرا إلي أن عدم تدخل البنك المركزي في التصدي لزيادة السيولة سيدفع معدل التضخم لمستويات غير مسبوقة موضحا أن المركزي يستطيع ومن خلال الارتفاع بنسبتي السيولة والاحتياطي للعملة المحلية أن يجبر البنوك علي الارتفاع بأسعار الفائدة حتي يحتوي الجهاز المصرفي حجم السيول المتداولة وإعادة استثمارها في مشروعات بدلا من الإقبال علي المضاربات العنيفة في الدولار والتي تزيد من تفاقم الوضع الاقتصادي. وقد كشفت التقارير الصادرة عن البنك المركزي عن ارتفاع حجم السيولة المحلية في نهاية نوفمبر الماضي إلي1.147 تريليون جنيه بزيادة53.1 مليار جنيه أي مانسبته4.9%