من الإنارة إلي الإثارة تحول الإعلام المصري وعن جدارة, إلي منصات لإطلاق قنابل الفتنة علي دولة منهارة , مصر سابقا, شاشات اتخذت من الإسلام ستارا ومن الدين قناعا لتبث سموم الفرقة, قسمت البلاد إلي كفار, وعلمانيين, ونصاري, ومؤمنين, وأباحت القتل, وأستباحت الدماء, وانكرت شريعة السماء, وشاشات أخري اتخذت من الحرية طريقا إلي الفوضي, وسبيلا لإشعال الأزمة ومجالا لغرس روح التقسيم والاستقطاب, بينما راحت الصحف توزع الديناميت وعيدان الكبريت, لتكتمل المؤامرة, نعم هكذا صار الاعلام المصري, نافخا, مشعلا, مغذيا, لنار الفتنة, التي تشتعل في وطن كان يحلم بالاستقرار, وثار قبل عامين طلبا للحرية والعدالة الاجتماعية. كل وسائل الإعلام مقروءة كانت أو مسموعة أو مرئية انجرفت إلي الاثارة, وانحرفت عن الموضوعية, وتخلت عن المسئولية, في ظروف ما أحوج الوطن فيها إلي إعلام يلملم الجراح ويدعو إلي الاصلاح.. اعلام يجمع الفرقاء, ولا يفرق الرفقاء, إعلام مسئول, يرتفع إلي مستوي الظرف الراهن الذي تتعرض فيه البلاد إلي أسوأ أزمة تكاد تسقط الدولة, وتفجر الوطن, من يتابع برامج التوك شو سوف يكتشف خيوط المؤامرة, ويرصد تفاصيل المخطط, مجموعة من الوجوه يتنقلون كل ليلة بين الاستوديوهات لبث سمومهم, واشعال الفتنة. سوف تسمع وتشاهد من يدعو إلي القتل, ومن يحرض علي الفتنة, ويشرع العنف, ويقنن الجريمة. لم أصدق عيني حينما رأيت سيدة مصرية وهي تشهر سلاحا أبيض اثناء استضافتها في برنامج العاشرة مساء قبل يومين متوعدة من يتعرض لها في الشارع, وأخري هددت باستخدام السلاح دفاعا عن نفسها, إنه مجتمع العنف, والجريمة, الذي اصبحنا أقرب إليه, بل لا ابالغ إذا قلت اننا بالفعل صرنا مجتمعا للعنف, بعد أن غابت الحكمة, وتوارت الحقيقة, بين ركام الفوضي, ومخلفات الصراع علي السلطة. إنها جريمة في حق الوطن يرتكبها الإعلام المصري كل يوم دون وازع من ضمير او دافع من دين, ويخطئ من يظن أن حرية الاعلام يمكن استغلالها في ضرب وحدة البلاد, ونشر الفتنة بين العباد. [email protected]
